وحكى الإمام ترددا فيما إذا قصر في ربط الكلب، فانحل، وقتل الصيد، وجزم الماوردي فيها بعدم الضمان، وقال هو والقاضي أبو الطيب، فيما إذا كان الكلب المرسل على الصيد غير معلم: إذا قتله لا ضمان؛ لأنه لا ينسب فعله إلى مرسله. وهو كذلك في "تعليق" القاضي الحسين، وعزاه إلى نصه في الإملاء، كما إذا أرسل الكلب المعلم على آدمي فقتله؛ فإنه لا ضمان عليه؛ لأن الكلب لا يعلم على الآدمي.
نعم، لو علم عليه، أو كان ضارياً –ضمنه.
تنبيه: قد يؤخذ من قول الشيخ: "فإن مات في يده .... " إلى لآخره – أنه يختار الضمان في مسألتين:
إحداهما: إذا خلص المحرم صيداً من جارج أو داوى جرحه فمات في يده؛ كما هو أحد القولين.
لكن الصحيح، والذى نص عليه الشافعي –رضي الله عنه-: عدم الضمان، والأول أخذ من احتمال أبداه الشافعي.
الثانية: أن المحرم إذا استودع صيدا لحلال، فتلف في يده – [ضمنه]، وهو ما حكاه القاضي الحسين، وقال: إنه لو كان مملوكا وجب معه قيمته لمالكه. وفيه نظر؛ لما ستعرفه من النص فيما إذا وهب من محرم صيدا وتلف في يده، أو أرسله.
وقد وافق القاضي في ضمان الوديعة بالجزاء الرافعي هنا، وكذا فيما إذا استعاره، لكن [حكى] في "الروضة": أن صاحب "البيان" حكى في كتاب العارية عن الشيخ أبي حامد: أنه قال: لا جزاء في العارية؛ لأنه لم يمسكه لنفسه، ومن طريق الأول المودع.
وقد يقال: إنه ليس في كلام الشيخ تعرض لهاتين المسألتين؛ فإنه قال أولا:"ويحرم عليه الصيد"، ثم قال:"فإن مات في يده"، أي: بعد أن اصطاده؛ كما جاء مثل ذلك في قوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَاسِهِ فَفِدْيَةٌ}[البقرة: ١٩٦]، والتقدير: فحلق، ففدية، وغيرها من الآيات، وإذا كان كذلك ثبت ما قلناه.