للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب عليه إرساله. وإن قلنا: يملكه، وجب الإرسال أيضاً، فإن لم يرسله حتى تحلل، هل يجب [عليه] الإرسال؟ فيه وجهان، فإن قلنا بوجوبه كان له أن يأخذه في الحال.

ثم على القول الصحيح [في] أنه لا يملك الصيد بالبيع والهبة، فرعان: أحدهما: كما يمنع من شرائه يمنع من بيعه أيضاً.

قال الإمام: وليس هذا كتصرف الكافر في العبد المسلم؛ فإنا وإن منعناه من شرائه، لا نمنعه من بيعه من مسلم، والسبب فيه: أن بيعه من مسلم يزيل مادة الاعتراض، وإذا امتنع عن بيع عبده الذي أسلم في يده، فإنا نبيعه عليه من مسلم، فإن فعل ما نفعله نفذ، والمقصود في الصيد الإرسال ورفع اليد عنه، والمحرم ببيعه يورطه في التقييد والضبط؛ فكان البيع في معنى الشراء، وهذا مفرع -كما قال أيضاً- على أن الإحرام لا ينافي الملك، يعنى: فلا يزول بالإحرام.

وفي "الحاوي" و"تعليق" اليندنيجي و"البحر" و"الرافعي": أنا إذا قلنا: لا يزول ملك المحرم عن الصيد بالإحرام، كان حكمه حكم سائر أملاكه إلا في شيء واحد، وهو أنه لا يجوز له ذبحه، وما سوى ذلك من بيعه وهبته، فجائز له، وهذا مخالف لما ذكره الإمام.

الثاني: إذا قبل البيع والهبة، وقبضه، فعليه رده إلى صاحبه وما حكى عن نص الشافعي -رضي الله عنه- فيما إذا وهب له أن يرسله- فقد قال الشيخ أبو حامد والقاضي الحسين وغيرهما: مراده: الإرسال إلى يد صاحبه؛ لأنه باق على ملكه.

ثم قال الشيخ أبو حامد: ويحتمل أن يحمل كلام الشافعي -رضي الله عنه- على ظاهره؛ لأن البيع والهبة لا يزيلان عنه ضمان الكفارة برده إلى صاحبه؛ فإنه لو مات في يده كان عليه الجزاء؛ كما لو كان هو الصائد ووهبه من غيره، وما ذكره من عدم براءته من الضمان برده إلى صاحبه، هو المذكور في "الحاوي"، و"التهذيب"،

<<  <  ج: ص:  >  >>