والمد أقل ما يجب من الكفارات، فقوبل ذلك به؛ وهذا ما نص عليه في "الأم"، و"الإملاء"، والبويطي، و"المختصر"، وصححه القاضي أبو الطيب والماوردي وغيرهما، واختاره في "المرشد" تبعاً للمزني.
وقال الإمام: إنه مشهور معتضد بآثار السلف، وهو مرجوع إليه في مواضع من الشريعة، فإن اليوم الواحد من صوم رمضان مقابل بمد -كما تقدم- وعلى هذا يجب في الشعرتين والظفرين مدان.
وحكى المراوزة قولاً رابعاً، نسبه الإمام إلى رواية صاحب التقريب: إنه يجب دم كامل في الشعرة الواحدة، والظفر الواحد، ولا يزيد بزيادته، واختاره الأستاذ أبو طاهر؛ لأن محظورات الإحرام لا تختلف بالقلة والكثرة.
أصله: الطيب واللباس.
وقال الإمام: إنه وإن كان يقدح توجيهه؛ فلست أعده من المذهب.
والأقوال- كما قال القاضي أبو الطيب - تجري فيما إذا قطع جزءاً من شعرة؛ لأن التقصير بمنزلة الحلق في الإحرام.
وفيه وجه آخر حكاه الماوردي: أنه يجب فيها بالقسط.
وكذا تجري الأقوال فيما إذا قلم بعض ظفر، مثل أن يكون قد انكسر [بعض] ظفره، وبقي معلقاً، فقطعه من فوق الكسر؛ لأن قطع الجزء الصحيح الذي قطعه من فوق الكسر بمنزلة قطع جميع الظفر.
وقال القاضي أبو الطيب في هذه المسألة: يلزمه من الإطعام بقدر الجزء الصحيح الذي قطعه جميع الظفر؛ كما قلنا: يجب في قطع الأنملة ثلث العشرة، ولو قطع بعض الأنملة لزمه بحساب ذلك.
ثم ذكر له بعض أصحابه أن ما قاله خلاف نصّ الشافعي - رضي الله عنه - وحمل إليه في كتاب الحج "الأوسط" للشافعي وأوقفه على المسألة مسطورة فيه، فأجابه بجواب لم يتحصل منه شيء.