وأطلق القاضي أبو الطيب القول بأن اغتساله من ذي طوى وغيرها سواء.
هذا هو المشهور. وفي "التتمة" أن المقصود من هذا الاغتسال التنظيف لا للتعبد؛ حتى يصح من غير نية وتؤمر به الحائض.
تنبيه: قول الشيخ: "إذا أراد المحرم ... " إلى آخره يقتضي أمرين:
أحدهما: أنه لا فرق في هذه السنة بين أن يكون قد أحرم بحج أو عمرة أو بهما؛ إن لم نضمر فيه شيئًا, وهو موافق لما ذكره ابن الصباغ عن ابن عمر: أنه كان إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا بات بذي طوى .. وساق الحديث, ولا شك في ذلك إذا كان المحرم آفاقيًّا, وقد أحرم من الميقات, أما إذا كان [قد] خرج من مكة, واحرم بالعمرة, ففي "الحاوي": أنه ينظر:
فإن أحرم من موضع بعيد كـ "الجعرانة", والحديبية فيجب أن يغتسل ثانيًا؛ لدخول مكة؛ كما في الداخل إليها من غيرها.
وإن احرم من موضع يقرب من "مكة": كالتنعيم, أو من أدني الحل- لم يغتسل ثانيًا؛ لأن الغسل إنما يراد للتنظيف وإزالة الوسخ عند دخوله, وهو [باقٍ في] النظافة بغسله المتقدم مع قرب الزمان ودنو المسافة.
قلت: ويظهر أن يقال بمثل ذلك في الحج: إذا أحرم به من التنعيم, أو أدنى الحل؛ بكونه لم يخطر له ذلك إلا فيه.
أما إذا أضمرنا بعد قوله: "إذا أراد المحرم" لفظه به ويعيد الضمير على الحج- فلا يقتضي [ذلك] مشاركة المعتمر الحاج في هذه السنة.
الثاني: أنه لا فرق في هذه السنة وما بعدها إلا ما نبه عليه- بين الرجل والمرأة, الطاهر والحائض والنفساء, وليس كذلك, بل بعض السنن مختص بالرجال كما سنبينه, والبعض يشترك فيه الرجال والنساء, ومنه سنة الغسل؛ لأنه يستحب لها