البدل، ويكون "القرب" مبتدأ و"بدل" خبره، ولا يجوز أن يكون معطوفاً على ما قبله؛ فإن القرب من البيت مستحب كما ذكرنا.
وهذا فيه نظر لا يخفى على متأمل، وأقرب من ذلك أن يقال: مراده بالقرب هاهنا: أن يكون في المسجد لا خارجاً؛ فإنه لوكان خارجاً عنه، لم يصح طوافه، كما صرح به القاضي [الحسين] والماوردي وغيرهما؛ [لأنَّا] لو جوزناه، لزمنا أن نجوزه خارج الحرم، ولا وجه له.
ولأنه حينئذ يكون طائفاً المسجد لا بالبيت.
وإذا كان كذلك، فالقرب نسبة وإضافة؛ فيحمل ما ذكره هنا على ما ذكرناه، وما ذكره [بعدُ من] استحباب القرب على ما إذا طاف في المسجد.
فإن قلت: قد عُدَّ من بعد من جملة واجبات الطواف الثمانية: أن يكون في المسجد، وذلك ينفى ما ذكرت.
قلت: لا؛ لأن الأول ذكره استطراداً لتتمة مقصوده، وما ذكره من بعد ذكره مقصوداً، وكثير من المصنفين من يفعل ذلك، ومنهم صاحب التنبيه رحمه الله.
[فائدة: قال الشافعي: وأكره أن يقول: طاف أشواطاً وأدواراً؛ لأن مجاهداً كرهه، ويقال: طوافاً، وطوافين؛ كما سماه الله تعالى، قال الله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٢٩]؛ كذا حكاه ابن الصباغ عن نصه في "الأم".
وقال القاضي الحسين: إنما كرهه؛ لأن الشوط في حقيقة اللغة: الهلاك؛ فكرهه لاسمه؛ كما كره اسم العقيقة؛ لما فيه من لفظ العقوق.
قال النواوي في "المناسك": لكن ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عباس تسميته بالطوفة: شوطاً؛ فالظاهر أنه لا كراهة فيه].
قال:[و] يرمل - أي بضم الميم - في الثلاثة الأول منها، ويمشي في