ولأجل [ذلك] جمع البندنيجي بين الأربع، وحكى فيها القولين؛ كما ذكرنا.
لكن الصحيح في شرح ابن التلمساني- تبعاً للمرشد- فيما عدا المبيت بمزدلفة الوجوب وفي ليلة مزدلفة عدمه، فكأنهما- والله أعلم- رأيا أن [دليل] عدم الوجوب فيها هو الحديث الآخر الثابت؛ فجمعوا بين الحديثين بالحمل على الاستحباب، بخلاف باقي المسائل؛ فإن دليل عدم الوجوب فيها القياس، أو خبر لم يثبت؛ فلذلك لم يعارض قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم"؛ فاستعمل في ظاهره، وهو الوجوب.
وقد تقدم أن ركعتي الطواف هل تجب أم لا؟
فإن قلت:[لِمَ] لَمْ يذكرها الشيخ كغيرها؟
قلت: لاستغنائه بما سبق.
قال: وسننه- وهي التي سماها في "التهذيب": هيئات الغسل، أي: في المواضع التي تقدم ذكرها.
قال: وطواف القدوم؛ لأنه تحية البيت؛ [فلم يجب]؛ كتحية المسجد.
ولأنه لو وقف بعرفة قبل قدومه مكة، ولم يطف حتى نحر، ثم طاف- لم يلزمه شيء؛ فدلَّ على أنه غير واجب، وهذا ظاهر المذهب، وبه قال أكثر الأصحاب.
قال أبو الطيب: وقال بعض أصحابنا: إذا أخل به، لزمه دم؛ قياساً على طواف الوداع، ثم قال: وأجاب هذا القائل عن عدم الوجوب فيما إذا وقف قبل أن يقدم مكة: بأنه ثَمَّ لم يتوجه عليه طواف القدوم؛ لأنه لم يوجد منه [إلا] قدوم مكة، وهنا قد وجد ذلك منه؛ ويؤيد ذلك أن من اجتاز بالميقات وهو لا يريد النسك: فلم يحرم، ثم تجددت له نية، فأحرم مكانه- لا يلزمه دم؛ لأنه لم يتوجه عليه الإحرام من الميقات، ولو كان في الابتداء نوى النسك، واجتاز بالميقات غير محرم، لزمه دم.