للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه رضي الله عنهم لم يأمروا بالرمي والمبيت، ولو كان واجباً لذكروه.

وقد ذكر في المسالة قول آخر: أنه يكفيه في التحلل هنا الطواف وحده؛ لأن السعي ليس من أسباب التحلل؛ ألا ترى أنه لو سعى مع طواف القدوم، أجزأه، ولو كان من أسباب التحلل، لم يجز تقدمه على الوقوف.

قال القاضي الحسين: وهذا ظاهر قوله في "حرملة"، و"الإملاء": "إذا فات الحج، أمرناه بأن يطوف بالبيت، وأُحبُّ أن يسعى" قال: والقائل بهذا لا يفصل بين أن يكون قد سعى عقيب طواف القدوم أو لم يسع.

وقال الإمام: إن القائل به يوجب مع الطواف الحلق؛ إذا قلنا: إن الحلق نسك، كما ذكره الصيدلاني وغيره؛ لأنه مختص باقتضاء التحلل إذا جعلناه نسكاً، وهو ما حكاه في ["البحر" عن رواية القفال عن القديم.

لكن الذي حكاه في] "المختصر" ما ذكره الشيخ، وبه أخذ بعض الأصحاب.

وعلى هذا إذا كان قد سعى مع طواف القدوم، لا يحسب له ذلك؛ لأنه بطل بالفوات.

ومنهم من أبقى النصين على حالهما، ولم يثبت في المسألة قولين، وقال: ما ذكره في "الإملاء" و"حرملة" محمول على ما إذا كان قد سعى مع القدوم.

ونصه في "المختصر" [محمول] على ما إذا لم يكن قد سعى مع القدوم.

وهذه الطريقة هي الموافقة لما في "الحاوي".

وقد تقدم في كلام المزني: أن ما أتى به من الطواف والسعي لا يعتد به عن عمرة الإسلام، وهو الصحيح، لأنه لا ينقلب عمرة، وإنما هو شبيه بها، وهو نصه هنا، واستدل له بأنه أحرم بأحد النسكين، وصح منه؛ فلم ينقلب إلى النسك الآخر؛ كما لو أحرم بالعمرة؛ [فإنه لا ينقلب إلى الحج.

وقولنا: "وصح منه" احترزنا به عمن أحرم بالحج] في غير أشهره؛ فإنه ينعقد عمرة؛ لأن إحرامه بالحج قبل أشهره لا يصح.

وقد ذهب بعض أصحابنا كما حكاه القاضي الحسين وغيره إلى أن ذلك ينقلب عمره ويجزئه عن عمرة الإسلام [أخذاً من قول الشافعي- رضي الله عنه- فيما إذا فات القارن الحج: "إن ما أتى به يجزئه عن عمرة الإسلام].

<<  <  ج: ص:  >  >>