والمراد بالحج هاهنا: القصد؛ فوجب عليها أن تقصد البيت، ولم يكن له منعها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله".
ولأنها عبادة واجبة على المرأة؛ فلم يكن له منعها من ذلك؛ كالصلاة في أول الوقت.
والثاني: نص عليه في باب حج المرأة من "المناسك الكبير"، قال البندنيجي: و [في] عامة كتبه: أن له منعها، وهو الذي صححه الرافعي؛ لما روى الدراقطني بسنده عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما من امرأة لها مال وزوج، ولا يأذن لها في الحج فقال: ليس لها أن تنطلق إلا بإذنه".
ولأن حقه على الفور، وما طلبته وجوبه على التراخي، فقدم ما وجب على الفور؛ أصله إذا وجبت عليها العدة؛ فإنه لا يجوز لها الخروج للحج؛ لما ذكرناه، ويفارق الصلاة؛ لأن زمنها يسير، وهو يشاركها في الوجوب غالباً.
على أن الإمام حكى عن الأصحاب أنهم حكوا وجهين في أن الزوج، هل له منعها من إقامة الصلاة في أول الوقت كالقولين هنا، وقال: الحج أولى بأن لا يمنع؛ فإن الصلاة مؤقتة، والقلب يرتبط بوقتها على ثقة في العادة، وصدق رجاء، وأما ما يناط بالعمر فهو على إبهام، ولهذا قال الفقهاء: إذا مات في أثناء وقت الصلاة لا يكون عاصياً على ظاهر المذهب، بخلاف نظيره في الحج.
فإذا تقرر هذا، عدنا إلى مسألة الكتاب:
فإن قلنا: ليس له المنع في الابتداء، لم يكن له المنع [دواماً] وأما من طريق الأولى.
وإن قلنا: له المنع ابتداء، فإذا أحرمت بدون إذنه، فهل له تحليلها بالمعنى الذي ذكرناه؟ فيه القولان اللذان ذكرهما الشيخ، وهما منصوصان كذلك:
وجه الجواز: أن الحج على التراخي، وحقه على الفور؛ فقدم كما قبل الإحرام؛