والفرق: أن الركوب لو ترك تتعطل المنافع، ولا يصل إليهم شيء بدله، ولو ترك شرب اللبن انتفع الفقراء بتركه.
وقال في "التتمة": شرب اللبن ينبني على أكل اللحم، فإن لم نجوزه، لم يشرب اللبن، وينقل لبن الهدي إلى مكة إن تيسر، وأمكن تحقيقه، وإلا تصدق به على الفقراء.
وإن جوزنا الأكل، فيشرب اللبن.
وقضية بناء شرب اللبن على اللحم أن يقال: إذا جوزنا له شرب اللبن، لا يستوعبه، بل يترك بعضه، كما سيأتي في اللحم، وقد صرح به القاضي الحسين في هذا الكتاب عن بعض الأصحاب، وعليه جرى الإمام، فقال: لبن الشاة المعينة بمثابة لحمها [لو ضحيت]، ولعل الظاهر جواز استيعاب اللبن بالتعاطي إذا جوزنا الأكل من لحمها.
أما إذا كان لبنها لا يفضل عن ولدها، فلا يجوز له شرب شيء منه بحال؛ لأثر علي، كرم الله وجهه.
ولأنه غذاء الولد، والولد كالأم، فكما لا يجوز أن تمنع الأم علفها، لم يجز أن يمنع الولد غذاءه، بل قال الأصحاب: لو كان لبنها دون غذاء الولد، وجب عليه تكميل غذائه من غيرها، حكاه الماوردي.
وحكم جميع اللبن بعد فقد الابن أو غناه عنه حكم الفاضل عنه.
قال: وإن كان صوفها يضر بها إلى وقت الذبح، جاز له أن يجزه؛ لانتفاعها به، وينتفع به، قياساً على اللبن.
والأفضل- كما قال الأصحاب- أن يتصدق به.
وقد أطلق الشافعي- رضي الله عنه- القول بأنه لا يجز صوفها، وهو محمول على ما إذا كان بقاؤه غير مضر بها، أو ينتفع به في دفع حر أو برد.
وقال القاضي الحسين: إن حكمه حكم اللبن، وإن الصحيح أنه يتخذه لبداً، ويتصدق به على الفقراء.
قال: ولا يأكل من لحمها شيئاً؛ لأنه إراقة دم واجب؛ فلم يجز الأكل منه، كالدم