وممن جرى على الإطلاق المذكور الغزالي، والبندنيجي، والماوردي في باب دخول مكة، وكذا هنا، وقال: إنه إذا قال: جعلت هذه الشاة أضحية، أو هدياً؛ فله أن يأكل منها، ولم يحك غيره، وهو الذي حكاه الفوراني في الهدي.
وقال الرافعي: إن كثيراً من معتبري الأصحاب فصَّلوا [فقالوا:] محل الخلاف إذا قال: "جعلت هذه الشاة- مثلاً- أضحية"، أو كان نذر تبرر، وهو الذي لم يعلق على شيء وألزمناه به ما نذر، أما إذا كان نذراً معلقاً على أمر يطلبه: كشفاء المريض، ووجد شرطه، فلا يجوز أن يأكل منها، وجهاً واحداً، كما لا يجوز أن يأكل من جزاء الصيد، وهذا ما صرح به القاضي أبو الطيب في باب الهدي في نذر التبرر والمجازاة، واقتضاه كلامه في قوله:"جعلت هذه الشاة أضحية"، كما صرح به في باب دخول مكة، وأنهم قالوا: لو التزم في الذمة التضحية على وجه التبرر، ثم عين [في] واةحدة عما عليه، فهل يجوز الأكل منها إذا ذبحها؟ ينبني ذلك على جواز الأكل من المعينة ابتداء، فإن لم نجوزه [ثَمَّ] فهاهنا أولى، وإن جوزناه فوجهان، أو قولان.
والفرق: أن ما في الذمة آكد، ألا ترى أنه إذا عين [عنه] شاة، فهلكت، لم تبرأ ذمته، والمعينة ابتداء إذا هلكت، برئت ذمته.
وأيضاً: فإن ما ثبت في الذمة، ثبت لغيره، وما لا يتعلق بالذمة لا يبعد أن يكون هو فيه كغيره.
قلت: وقضية هذا البناء أن يكون في الأكل من المعينة ابتداء على وجه التبرر، وجهان، وفي المعينة بعد الالتزام في الذمة طريقان:
إحداهما: القطع بالمنع.
والثانية: إجراء الوجهين فيه.
وقد عكس الفوراني [ذلك]، فقال: إذا قال: "لله علي أن أهدي شاة فذبح شاة"، فهل له أن يأكل منها؟ فيه وجهان.
وإن قال:"لله علي أن أهدي هذه الشاة"، فهل له أن يأكل [منها]؟ فيه طريقان: