وثانيها: أنه للمساكين خاصة؛ لأنه بدل بعض الأضحية، وليس للمضحي من الأضحية إلا الأكل، وهذا ما أورده القاضي الحسين.
وأظهرها، وهو ما أورده ابن الصباغ، والمصنف؛ تبعاً للقاضي أبي الطيب: أن حكمه حكم الزائد من القيمة على المثل، [وقد تقدم].
وهذا إذا كان اللحم باقياً بحاله، أما لو كان الذابح قد أكله، أو صرفه مصرف الضحايا، فهو كما لو أتلفها فيضمنها، لكن بماذا يضمنها؟ فيه وجهان:
أحدهما: بالقيم، كما في صورة الإتلاف.
والثاني- وهو الذي رجحه الماوردي، وبه قال ابن أبي هريرة: أنه يضمنها بأكثر الأمرين من قيمتها وقيمة اللحم.
وروى بعضهم بدل الثاني: أنه يغرم أرش الذبح، وقيمة اللحم.
وعلى هذا جرى الإمام ومن تبعه، وقال: إن هاذ مما لا خلاف فيه، وإن أجرينا الخلاف في ضمان الأرش إذا لم يفرق اللحم، وإنما القولان فيه إذا اقتصر على الذبح، وترك اللحم [لصاحب الضحية]. قال: وليس يبعد عن القياس طرد القولين في ضمان الأرش في صورة تفرقة اللحم، فإن الضحية بالذبح وقعت موقعها، وتفرقته جناية على ضحية قد بلغت محلها.
وعن كتاب ابن كج: أنه تقع التفرقة عن المالك، كالذبح.
وما ذكرناه في الأضحية [يجري مثله] في الهدي.
والحكم في الأضحية والهدي المنذور في الذمة إذا عين شاة فذبحها أجنبي في يوم النحر، أو في الحرم، في وقوعها [موقعها] عن صاحبها، وفي أخذ اللحم، وتصدقه به، وفي غرامة الذابح أرش ما نقص بالذبح، على ما ذكرناه فيما إذا [كانت] معينة في الابتداء.
فإن كان اللحم تالفاً، قال صاحب "التهذيب": يأخذ القيمة، ويملكها، والأصل في ذمته.