وقال: في "التهذيب": إن المستحب ألا يتصدق به لحماً بل يطبخه، لكن بماذا يطبخ؟ حكى فيه وجهين:
أحدهما- وعزاه إلى النص-: أنه يطبخ بحموضة قال: وكأن الشافعي- رضي الله عنه- أخذه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم الإدام الخل".
وهذا الوجه لم يحك القاضي الحسين عن الأصحاب غيره، لكنه قال: إذا أراد أن يطبخه طبخه بحموضة، فأشعر كلامه أنه مخير بين طبخه وتفرقته [على الفقراء لحماً].
والثاني: يطبخ بشيء حلو؛ تفاؤلاً بحلاوة أخلاق المولود، وهو الأظهر، ولم يورد ابن الصباغ وغيره سواه، وعلى هذا، فهل يكره طبخه بالحامض؟ فيه وجهان، وعن القاضي الطبري: أنه قال: العادة طبخه بالماء والملح، وعادة أهل "طبرستان" طبخه بالأرز، وهو حسن.
وفي "الحاوي": أن إيجاب التصدق من العقيقة، وجواز تفرقته مطبوخاً مبني على أنه: هل تتأدى سنة العقيقة بذبح ما دون الجذع من الضأن والثني من المعز؟ فإن قلنا بعدم تأدية السنة بذلك، وجب التصدق بشيء منها على الفقراء لحماً نيئاً، ولا يخص بها الأغنياء.
وإن قلنا: تتأدى بها السنة لا يلزمه أن يتصدق بشيء منها، ويجوز أن يخص بها الأغنياء، وإن أعطاه مطبوخاً، [جاز].
وسلك الإمام طريقاً آخر، فحكى عن الصيدلاني: أنه أطلق في مجموعه: أن الشاة تذبح وتطبخ ويفرق اللحم طبيخاً مع المرق، ثم قال: وهذا سديد إذا لم نوجب التصدق، وهو مستقيم فيما لا نوجب التصدق به، فأما المقدار الذي يجب التصدق به، فلا وجه إلا ما ذكرته، يعني: أنه لا يجوز إلا لحماً طرياً؛ كما في الأضحية.
وفي "الوسيط": أن الصيدلاني قال: يجوز التصدق بالمرق، ثم قال: وهذا إن أراد به أنه يكفي عن التصدق بمقدار من اللحم إذا قلنا: لابد منه- ففيه نظر.
وقال الرافعي: إن الذي رآه في مجموع الصيدلاني ما نقله الإمام [عنه].