وقد اختلف في تفسير قوله- عليه السلام-: "أُرْنُ" [معناه]: قيل: وهو بضم الهمزة، وسكون الراء، على وزن "اُعْط"، بمعنى أدم الحز ولا تفتر؛ من رنوت؛ إذا أدمت النظر، وردَّ بعضهم هذا بأن الأمر من رنا يرنو: ارن.
وقيل: هو بكسر الراء على وزن "أَطِعْ"، أي: أهلكها ذبحاً؛ من قولهم: أران القوم: إذا هلكت مواشيهم، ورده بعضهم [- أيضاً-] لأن "أران القوم" لا يتعدى والذي في الحديث يتعدى.
وقال بعضهم: معناه: كن ذا شاة هالكة وأهرق نفسها، وكل ما أنهر الدم.
وقد اختلف في معنى قوله- عليه السلام-: "أما السن فإنه عظم" فقهاً وفتيا:
فنقل عن الشيخ عز الدين: أنه قال: "للشرع علل تعبدية، كما له أحكام تعبدية"، ولعله يشير إلى أن هذا من ذاك.
وقال غيره: قد ورد الشرع بمنع الاستنجاء بالعظم؛ لكونه زاد الإخوان من الجن، وما ذاك إلا للنجاسة المانعة من أكله، والدم بهذه المثابة.
قلت: ويظهر أن يقال: [إن] ذلك ورد منه؛ لأن الذبح بالعظم لا يجوز عندهم، وأن حكمته: ألا يكون موت الحيوان ببعض منه مبيحاً له، على أن سياق حديث رافع يدل على أن المعهود المألوف عندهم: أنه لا ذكاة إلا بالمدية.
وقوله: "ما أنهر الدم" أي: أساله، وأجراه، ومنه سمي نهر الماء: نهراً.
تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي حل الذكاة بالعظم؛ لأنه غير السن والظفر، وكذلك كلام البندنيجي، لأن لفظه كلفظ الشيخ، وهو ما صرح به في "الحاوي"، حيث قال: إن الشافعي – رضي الله عنه- قال في الذكاة بالعظم: "كرهته، ولا يبين لي أنه يحرم، لأنه لا يقع عليه اسم سن ولا ظفر".
فاعتبر الشافعي- رضي الله عنه- في التحريم الاسم، وأجازه بالعظم؛ لخروجه