العبور فيه، ولا يجوز له التردد في أكنافه، بلا خلاف.
وإليه يرشد قول الشيخ:"واللبث في المسجد"؛ فإن التردد فيه لبث.
قال الإمام، قبيل باب البياعات: ولا نكلف من أجنب في المسجد بالإسراع، بل
يمشي على الاعتياد، ولعل الضبط فيه: ألا يعرج في موضع تعريجا يقتضي بأن مثله
يكون أقل ما يجزئ في الاعتكاف؛ إذا جرينا على أن الاعتكاف شرطه اللبث.
ثم تحريم اللبث مخصوص بما إذا لم تدع إليه ضرورة.
فإن دعت: كما إذا نام في المسجد، فاحتلم، ولم يمكنه الخروج؛ لإغلاق الباب،
أو لخوف فلا تحريم. وليتيمم في هذه الحالة تطهراً وتخفيفاً للحدث، بقدر
الإمكان؛ وهذا إذا وجد تراباً غير تراب المسجد، فلو لم يجد سواه لا يتيمم به.
وفي "تعليق القاضي الحسين" وجه: أنه يتيمم به.
وهذا مخصوص بالمسلمين؛ فإن في منع الكافر الجنب من اللبث فيه خلافاً يأتي
في الكتاب.
وتخصيص الشيخ الجنب بما ذكره من الأحكام، وإن كانت الحائض والنفساء
تشركه فيه؛ لامتيازهما بأمر ستعرفه في بال الحيض.
وقد أفهم ذكر الشيخ ما يحرم على الجنب، وكذا ما يحرم على الحائض - إباحة
ما عدا ذلك لهما من: الأكل، والشرب، والنوم، وغير ذلك، وعليه دلت الأخبار.
نعم، قال الأصحاب: يستحب للجنب: ألا يأكل، ولا يشرب، ولا يجامع، ولا ينام؛
حتى يتوضأ وضوءه للصلاة، ويغسل فرجه، ولا يستحب مثل ذلك للحائض والنفساء
إلا بعد انقطاع طمهما.
قال ابن الصباغ وأبو الطيب: والفرق: أن وضوء الحائض لا يفيد شيئاً، ولا كذلك
وضوء الجنب؛ فإنه يخفف الجنابة، ويزيلها عن أعضاء الوضوء، ويطهرها. والإمام
قال: إنه لا يرفع الحدث، وقضية ذلك التسوية، والله أعلم.