والإصماء: ما عاين قتله مشتق من الصميان، وهو السرعة.
والإنماء: ما غاب عنه مقتله، يقال: نمت الرمية؛ إذا غابت؛ ولأن القياس يقتضيه؛ كما قال الشافعي- رضي الله عنه- لأنه إذا احتمل الحل [والتحريم] غلب التحريم، ولأنه قد ورد ما يقتضي الحل، وما يقتضي الحظر، فغلب حكم الحظر؛ وهذا ما نص عليه في "المختصر"، وهو الأظهر عند الماوردي والنواوي، وهذه الطريقة قال بها ابن سريج- كما قال البندنيجي- ونسبها الماوردي إليه، وإلى أكثر البغداديين، ولم يورد القاضي الحسين والإمام غيرها، ووراءها طريقان:
إحداهما: القطع بالقول الثاني، وبها قال أكثر البصريين، وقالوا: ما ورد من الخبر غير صحيح، ولا هو ثابت، وهي التي نسبها القاضي أبو الطيب إلى أكثر الأصحاب.
وقد يحملون ما ورد من الحديث على ما إذا كان الجرح موحياً؛ كما سنذكره.
والثانية: القطع بالقول الأول؛ حكاها البندنيجي والمصنف، ونسبها القاضي أبو الطيب إلى ابن سريج وأبي الطيب بن سلمة، وكلامه يميل إلى ترجيحها، ولمن انتصر لها أن يقول: حديث زياد ليس مشهوراً، بل قال النواوي: إنه لم يثبت في التحريم شيء، وإن ثبت، فالحجة فيه بالمفهوم؛ فلا يعارض ما دل بمنطوقه، وهو في الصحيح.
وأثر ابن عباس محمول على ما إذا غاب عنه، ولم يشاهد [فيه أثر] الإصابة، فإنه لا يحل عندنا كما سنذكره، ومسألتنا مفروضة فيما إذا شاهد العقر والإصابة، ثم غاب عنه، واحتمال كونه مات بسبب آخر، الظاهر خلافه، والأحكام تناط بالظاهر؛ ألا ترى أنه لو جرح شخص إنساناً، ثم مات؛ فإنه يجب عليه ضمانه وإن احتمل أن يكون غيره قد شاركه فيه.
قال الإمام: وأيضاً: فإنا نحل الجنين إحالة على انقطاع الروح عنه بذكاة أمه، وإن أمكن تقدير موته بسبب آخر؛ وهذا ما وعدت من قبل: أنه يدل على تحريم الجنين إذا خرج بعضه من أمه ميتاً، ثم ذكيت.
وسلك في "المرشد" طريقاً آخر، فقال: إن غلب على ظنه: أنه إنما مات بجرحه