حمل لكلام البغوي على ظاهره، وليس كذلك، بل هو محمول على ما ذكره شيخه القاضي الحسين في تعليقه، وهو ما إذا كان الكلب معلماً بأن يضرب بتلك الحديدة؛ لأنه يصير كالرمي إلى الصيد.
قال: ومن أخذ صيداً أي: يحل له اصطياده، سواء كان غير ممتنع: كصغار الصيود وفراخها، أو ممتنعاً: كالكبار، وله تمييز، أو أزال امتناعه، أي: بسهمه أو كلبه – ملكه؛ لأنه بذلك يكون مستولياً عليه؛ فشابه سائر المباحات التي تملك بالاستيلاء، وقد قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ}[المائدة: ٩٤]، أي: يختبركم بتكليف إباحة ما حلله، وحظر ما حرمه {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}[المائدة: ٩٤] وأراد بما تناله الأيدي: الصغار، وبما تناله الرماح: الكبار؛ كما قال ابن عباس.
وقال مجاهد: المراد بالأول: البيض، وبالثاني: الصيد.
وروي أنه- عليه السلام- وأصحابه مروا بظبي حاقف، أي: مُثْخَنٍ عاجز عن الامتناع- فهمَّ أصحابه بأخذه، فقال:"دَعُوهُ حَتَّى صَاحِبُهُ"، فسماه: صاحباً، ومنعهم من أخذه.
أما إذا كان لا يحل له اصطياده؛ لكونه مملوكاً لغيره، أو مباحاً لكن الصائد محرم- فلا يملكه، وفي المحرم كلام تقدم.
ولو كان الأخذ ممن لا تمييز له: كالأعمى والمجنون، فإن لم يأمره أحد بذلك ملكه أيضاً، وإن أمره بذلك غيره، فهل يكون له إن كان حراً أو لسيده إن كان عبداً، أو للآمر؟ فيه وجهان في "تعليق القاضي الحسين"، والمذكور منهما في "التهذيب" و"البحر" الأول، وألحقا بالأعمى الصبي، والله أعلم.