وأوجبنا على الثاني ما يجب عليه، ويفرض ذلك في صيد قيمته عشرة فجنى عليه الأول جناية أرشها درهم؛ فعادت قيمته [إلى] تسعة، ثم جنى الثاني عليه جناية أرشها درهم؛ فعادت قيمته إلى ثمانية، ثم سرت الجراحتان إليه فمات- فالطريق الأول: أنه يجب على كل واحد منهما [خمسة، وبه قال المزني وأبو إسحاق.
لكن المزني يقول: يجب على كل واحد منهما] أرش جنايته، وهو درهم، ويجب عليه نصف قيمته بعد الجرحين؛ وهو أربعة؛ لأن الموت حصل بالفعلين؛ وعلى هذا لو نقصت جناية الأول ثلاثة، والثانية نقصت درهماً- وجب على الأول ستة وعلى الثاني أربعة، ولو انعكس الفرض انعكس الحكم.
وقد حكى القاضي الحسين هذا القول عن أبي الطيب بن سلمة أيضاً.
وقال أبو إسحاق: هذا خطأ؛ لأنه أفرد أرش الجناية مع سرايتها إلى النفس، والجناية إذا سرت إلى النفس، وضمن [بذلك النفس، كان الاعتبار بها؛ كما سيأتي فيما إذا قطع يدي حر ورجليه، فسرت إلى نفسه، ومات- لا يجب إلا دية واحدة، بل الصواب أن يقال: يجب على كل واحد منهما نصف قيمته يوم جنى عليه، ويدخل نصف جناية كل واحد منهما في نصف] بدل النفس الذي ضمنه؛ عملاً بالأصول؛ وذلك يقتضي أن يكون على الأول خمسة ونصف، وعلى الثاني خمسة، لكن يضمن الثاني للأول أرش جنايته على ما دخل في ضمانه إن غرمه؛ كما نقول فيما إذا غصب ثوباً قيمته عشرة، فجنى آخر على الثوب جناية قيمتها درهم، وتلف الثوب- يجب على الغاصب عشرة [دراهم] لصاحب الثوب، وعلى الثاني درهم، لكن إذا غرم صاحب الثوب الغاصب لا يرجع على الجاني بشيء، ويرجع الغاصب عليه بدرهم؛ لأنه جنى على ما ضمنه؛ فضمن جنايته؛ على ما دخل في ضمانه.
وإن غرم صاحب الثوب الجاني الدرهم، رجع على الغاصب بتسعة لا غير؛ كذلك نفعل هاهنا، ونقول: وجب على الأول خمسة ونصف، وعلى الثاني خمسة، لكن إن غرم الأول خمسة ونصفاً لم يرجع على الثاني إلا بأربعة ونصف، ويرجع