والثاني أتلف نصف النفس، وقيمتها تسعة؛ فيكون عليه أربعة ونصف؛ وذلك أقل من قيمة الصيد؛ فيقسم عشرة على تسعة ونصف؛ فيكون على الأول ما يخص خمسة، وعلى الثاني ما يخص أربعة ونصفاً.
والطريق الرابع قاله بعض الأصحاب: أنه يجب على الأول خمسة ونصف، وعلى الثاني أربعة ونصف، واختلف في توجيهه:
فقال الإمام: لأن الأول منتسب إلى التفويت إلا فيما تعرض للالتزام به الثاني، والذي التزمه الثاني أربعة ونصف؛ فكان باقي القيمة على الأول وهو خمسة ونصف.
وقال العراقيون: إنما كان كذلك؛ لأنه يدخل أرش جناية الثاني في بدل النفس، ولا يدخل أرش جناية الأول في بدلها، وعلى كل واحد منهما نصف قيمته بعد جناية الأول، وفرق بينهما: بأن الأول انفرد بالجناية، والثاني وجدت جنايته مع جناية الأول، وسرتا إلى النفس؛ فكان البدل عليهما.
قال البندنيجي: وهذا قول العراقيين، وهو سهل، وبه قال صاحب "التقريب"، واختاره، وقد وافقه في ترجيحه الإمام، وقال الغزالي: إنه الأقرب، وسبيل الاعتراض عليه: أما على طريقة الإمام من نسبة الأول إلى التفويت فبأن يقال: إن هذا فيما إذا انفرد، فأما إذا شاركه غيره، فقد خرج عن أن يكون مفوتاً للكل، والنظر في القدر الذي ينسب إليه من الفائت.
وأما على طريقة غيره، فبما اعترض به على طريقة المزني [أبو إسحاق].
والطريق الخامس: قال به ابن أبي هريرة- كما قال الماوردي- وابن سريج- كما قال الموافق ابن طاهر-: أنه يدخل أرش جناية كل واحد منهما في بدل النفس؛ كما قال ابن خيران، لكن يجب على كل واحد منهما نصف قيمته يوم جنى عليه؛ فيكون على الأول خمسة، وعلى الثاني أربعة ونصف.
قال الإمام: وما ذكره من إسقاط الأرش، وإسقاط اعتباره فقيه، ولكنه أدى إلى إسقاط نصف درهم من قيمته، وهما الجانيان، ولا سبب سوى جنايتهما؛