علي] أن أصوم – إن شاء الله تعالى- أنه لا يلزمه شيء بالنذر، نعم نقل الإمام في كتاب الاعكاف عن صاحب "التقريب" فيما لو قال الناذر: "لله علي أن أتصدق بعشرة دراهم إلا أن أحتاج قبل التصدق" واحتاج، هل يسقط واجب النذر؟ - أنه قال: المسألة محتملة.
وكذلك لو فرض في نذر الصلاة والصوم وغيرهما من القرب الملتزمة بالنذر، وطرد هذا فيما إذا قال:"لله علي شيء من ذلك إلا أن يبدو لي"، وزعم أن المسألة محتملة إذا بدا له.
نعم: ذكر شيخي أنه استثنى في هذه القربات ما يتعلق به غرض: كالافتقار في نذر الصدقة، أو ما يناظر هذا في كل قربة- فالاحتمال لائح، وأما إذا قال:"إلا أن يبدو لي"، فالأوجه إبطال هذا الاستثناء، وقد يتجه عندنا إفساد النذر في هذه الصورة.
قال: ومن نذر شيئاً، ولم يعلقه على شيء؛ أي: مثل أن قال: "لله علي أن أتصدق بمالي" أو: "أن أحج"، ونحو ذلك- فقد قيل: لا يصح؛ لأن أهل اللغة قالوا- كما حكاه ثعلب-: النذر هو وعد بشرط، ولم يوجد هاهنا شرط؛ فلم يوجد النذر الذي تقدمت النصوص على الوفاء به.
ولأن الحقوق على ضربين: حق لله تعالى، وحق للآدمي، ثم [ثبت أن] حق الآدمي إذا كان بعوض؛ لزم الوفاء به: كالبيع وغيره، وما لا يكون بعوض: كالهبة، لا يلزمه الوفاء به؛ [فكذلك حقوق الله تعالى ما لم يكن فيها عوض، لا يلزم أن يفي بها]. وتحريره قياساً: أنه إلزام حق من غير عوض؛ فلم يلزم بالقول؛ كالوصية، والهبة؛ وهذا قول أبي إسحاق، وأبي بكر الصيرفي، ونسبه المتولي إلى جماعة من الأصحاب، وحكاه القاضي الحسين [قولا]؛ أخذاً من قول الشافعي في هذا الموضع:"إن أعمال البر لا تكون إلا ما فرض الله أو تبرراً"، وفسر التبرر بما إذا قال:"إن شفى الله مريضي، فلله علي كذا".
قال: والمذهب أنه يصح؛ لعموم الأدلة السابقة، وما ذكر من أنه لا يسمى نذراً؛ إذا لم يعلق بشرط- ممنوع؛ لأن الله تعالى- قال حاكياً عن مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا