للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصيغة إلزام، وهو ما رآه الغزالي أظهر.

وقال في "التتمة": إن [كان] المفهوم من اللفظ في عرفهم معنى النذر أو نواه، فهو كما لو قال: "لله علي أن أتصدق بمالي" أو: "أنفقه في سبيل الله"، وإلا فلا حكم له.

وعن الشيخ أبي محمد ذكر طريقين:

أحدهما: حمل ما ذكره على النذر المطلق؛ فيكون فيه الخلاف السابق.

والثاني: أن ماله يصير بهذه اللفظة صدقة؛ كما لو قال: "جعلت هذه الشاة ضحية"، واستبعده الإمام، وقال فيما إذا قال: "إن دخلت الدار، فمالي صدقة": إنه لغو عند القاضي، وعلى طريقة شيخه يكون تعليق إيقاع في طريقة، ونذر لجاج [وغضب في طريقة].

والذي رأيته في "تعليق" القاضي: أنه يكون نذر لجاج وغضب حتى يلزمه أن يتصدق بجميع ماله حتى [ثياب بدنه] ونفقة يومه على قول.

قال: ومن نذر شيئاً على وجه اللجاج والغضب بأن قال: "إن كلمت فلاناً أي: أو: إن لم أكلمه"، أو: "إن دخلت الدار" أو: "إن لم أدخلها"، ونحو ذلك- فعلي كذا، فهو بالخيار عند وجود الشرط بين الوفاء بما نذر وبين كفارة يمين.

ووجهه: أنه إن اختار الوفاء، فهو الذي صرح بإلزامه؛ فلم يلزمه غيره؛ كما في النذر المعلق على أمر يطلبه؛ وعملاً بقوله- عليه السلام-: "من نذر وسمى، فعليه ما سمى".

وإن اختار كفارة اليمين، فهي التي أوجبها ظاهر أدلة الشرع؛ قال الله تبارك وتعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩]، وهذا حلف؛ لأنه يقال: حلفت بطلاق امرأتي، وبعتق عبدي لا فعلت كذا، وهو إجماع الصحابة.

روي أن رجلاً أتى عمر فقال: إني جعلت مالي في رتاج الكعبة إن كلمت أخي، فقال: إن الكعبة لغنية عن مالك، كلم أخاك، وكفر عن يمينك.

<<  <  ج: ص:  >  >>