أحدها: قول التخيير، واختاره القاضي الحسين لنفسه، وقال: إن الشيخ- يعني: القفال- استنبطه مما إذا قال:"إن قربتك، فعلي صوم هذا الشهر"، فليس بمول يضيق عليه؛ لأنه لا يخاف من التزام شيء بعد المدة، وإنما هو حالف: إن قربها في خلال الشهر، صام بقية الشهر، أو كفر كفارة اليمين؛ فيصير على التخيير.
والثاني: أنه يلزمه الوفاء بما نذر؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نذر وسمى [فعليه ما سمى".
قال في "البحر": وهذا أخذ من قول الشافعي في الاعتكاف: "لو قال: إن فعلت] كذا وكذا، فعلي اعتكاف شهر"[وكان] قد فعل ذلك الشيء_ فعليه اعتكاف شهر.
والقائلون بالتخيير، قالوا: ما ذكره في الاعتكاف ليس بقول آخر في المسالة، بل هو أحد الشيئين المخير فيهما.
والثالث: أنه يلزمه كفارة يمين؛ لما ذكرناه من الأخبار والآثار، وقد ادعى الإمام والقاضي الحسين: أنه المنصوص، والصحيح، وبالتصحيح قال- أيضاً- البغوي، وإبراهيم المرورذي، والموفق بن طاهر، ومنهم من قطع به، ونفي ما عداه.
وحكى الصيدلاني وغيره عن القفال: أنه أنكر هذا القول، ولم يثبت في المسألة إلى قول التخيير وقول وجوب الوفاء بما نذر، لكن نقل بعضهم أنه سمع الحليمي يقول: إن الشافعي نص عليه، فلما قدم على القفال حكى له ذلك، فلم يصدقه، ثم عاد إلى الدرس في اليوم الثاني، فقال للناقل: أسهرتني البارحة، طالعت الكتب، فوجدت النص كما ذكرته عن الحليمي.
قال الرافعي: فلعل ما حكاه الصيدلاني وغيره كان قبل هذه الحكاية، وعلى هذا هل يجزئه الوفاء بما نذر عن الكفارة؟
قال الرافعي: فيه وجهان في شرح مختصر الجويني، والظاهر المنع.
وقد حكى الوجهين الإمام أيضاً، ثم قال: وقول الإجزاء زلل عظيم؛ فإنه قول التخيير بعينه؛ فلا معنى لاعتقاد مزيد في التفريع على قول التخيير.
وكلام الماوردي والبندنيجي وابن الصباغ يقتضي أنه غيره؛ لأنهم بعد حكاية قول التخيير عن المذهب، قالوا: ومن أصحابنا من قال: الواجب عليه كفارة يمين، وله أن