قال الإمام: كان شيخي يتردد في ذلك، فربما كان يقول: إن فرعنا على قول الكفارة عددناها بتعدد الأجناس؛ وهذا أبداه في معرض الاحتمال، ثم استقر جوابه على اتحاد الكفارة، وهو الذي يجب القطع به؛ فإنا إذا لم نوجب الوفاء؛ فلا حاصل إلى النظر [إلى] الملتزم تعدد أو اتحد، بل التعويل على الالتزام فيما يصح التزامه، ثم يحاد عنه إلى الكفارة، وما قدمناه غير معتد به، ولا خلاف أنه لو ذكر حججاً لم تتعدد الكفارة.
الرابع: إذا قال: "إن دخلت البصرة"، أو:"إن رأيت زيداً، فمالي صدقة" أو: "علي حج"، ونحو ذلك- قال في "الحاوي": إنه ينظر: فإن أراد به الترجي لدخول البصرة ولقاء زيد، فهو معقود على فعل الله دون فعل نفسه، فهو نذر جزاء وتبرر؛ فيلزم الوفاء بنذره.
وإن أراد منع نفسه من دخول البصرة ورؤية زيد، فهي يمين عقدها على نذر؛ فيكون مخيراً فيها بين الوفاء والتكفير، ويجيء فيه الأقوال الباقية.
وهكذا الحكم فيما لو قال:"إن صليت فلله علي صوم يوم": إن أراد: إن وفقني الله للصلاة صمت، كان نذر مجازاة؛ فيلزمه الوفاء بما نذر. وإن قصد منع نفسه من الصلاة، كان نذر لجاج وغضب؛ فيجيء فيه الأقوال.
ولو قال:"لا صليت الظهر" لم يجيء فيه إلا نذر اللجاج.
ولو قال:"إن لم أَزْنِ، فلله علي صوم يوم": فإن قصد: إن عصمني الله من الزنا، فهو نذر مجازاة.
وإن قصد حث نفسه على الفعل، فهو نذر لجاج وغضب.
ولو قال:"إن زنيت، فلله علي كذا"، لم يتصور فيه إلا نذر اللجاج والغضب، [والله أعلم].
قال: ومن نذر الحج راكباً، فحج ماشياً، لزمه دم.
هذا الفصل ينظم حكمين:
أحدهما: صحة نذره في لزوم الركوب في الحج المنذور، وللأصحاب فيه خلاف مبني على أن الأفضل الحج راكباً أو ماشياً؟ وفيه قولان مشهوران حكاهما القاضي