وتقول العرب: بعت، بمعنى: بعت ملكي من غيري، وبعت بمعنى اشتريت، وقد جاء "شرى" بمعنى: باع أيضاً في قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}[يوسف: ٢٠]، وقوله:{وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ}[البقرة: ١٠٢].
والأصل في مشروعية البيع في الجملة قبل الإجماع من الكتاب: قوله تعالى: {لا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٩]، وخص الأكل بالذكر؛ لأنه أعم وجوه المصارف كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَاكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً}[النساء: ١٠]، ولا يختص الوعيد بالأكل.
وقرئ برفع {تِجَارَةً}[النساء: ٢٩] على أن "كان" تامة، تقديره "إلا أن تقع تجارة"، وبالنصب على أن "كان" ناقصة، و"إلا" استثناء من غير الجنس على الصحيح؛ لأن التجارة ليست من الباطل في شيء، وذلك جائز عند عامة العلماء إلا عند محمد بن الحسن.
وقد جاء ذلك في قوله تعالى: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَاثِيماً (٢٥) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً} [الواقعة: ٢٥، ٢٦].
وقال أبو إسحاق: هو استثناء من الجنس؛ لأن قوله:{لا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[النساء: ٢٩]، يتناول الأكل بالتجارة وغير التجارة؛ لأنه قد يؤكل المال بالباطل بتجارة فاسدة، فقوله:{إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً}[النساء: ٢٩] استثناء من جنسها.
وضعف [نسخ ذلك بآية النور وهي قوله:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} إلى قوله {أَشْتَاتاً}[النور: ٦١]، كذا رواه أبو داود عن ابن عباس].