للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاه مكة: "انههم عن بيع ما لم يقبضوا، وربح ما لم يضمنوا".

واختلف الأصحاب في تعليل المنع بماذا؟ على وجهين: نذكرهما مع ما يظهر من فائدتهما في الباب الثاني، إن شاء الله تعالى.

وفي "المهذب" وغيره وراء ما ذكرناه حكاية وجهين آخرين:

أحدهما: أنه إن باع بإذن البائع صح إن قلنا: إن الملك له؛ لأن المنع من التصرف لحق البائع فزال بإذنه، وكذلك حكاه في "الشامل" أيضاً وقال: إن العقد يلزم على الوجهين جميعاً.

وقياس ما سنذكره من الخلاف في أن التصرف المردود، هل يبطل الخيار أن يجري هاهنا؟ وهذا الوجه لم يحك الفوراني سواه، لكنه لم يفرعه على قول الملك، بل أطلق القول به، وكذلك حكاه الرافعي مع الأول من غير تفريع على قول الملك وصححه، وبه جزم الماوردي أيضاً.

والثاني عن الإصطخري: أن البيع يصح إن قلنا: إن الملك له، وإن لم يأذن له البائع، وللبائع الخيار فإن فسخ بطل تصرف المشتري.

ووجهه بأن تصرفه صادف ملكه الذي ثبت فيه للغير حق الانتزاع، فأشبه ما إذا اشترى شقصاً في شفعة فباعه.

والذي يقتضيه إيراد الشيخ ترجيح عدم الصحة، وإن أذن فيه البائع، فإنه علق ملك التصرف على القبض، وعلى انقطاع الخيار، وبالإذن له في البيع لا يظهر أنه ينقطع خياره، كما لا يبطل حق الوثيقة في الرهن بإذن المرتهن للراهن في البيع ما لم يوجد البيع.

وإذا لم ينقطع الخيار فالملك غير تام؛ فلذلك لم يصح البيع، ويخالف الرهن فإنه يصح بيعه؛ لأن الملك فيه تام، وإنما امتنع التصرف لمحض حق المرتهن وقد أذن، وقد يقال: إن الإذن في البيع يبطل الخيار، لأنه يسقط بمثل ذلك في قول أحدهما

<<  <  ج: ص:  >  >>