ما لم يقبض غير مضمون فمنع من طلب الربح فيه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيت لو منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ "، فمنع من المطالبة بالثمن لتلف الثمرة قبل القبض، ونبه به على [كل] مبيع تلف قبل القبض.
ولأنه لو دخل في ضمانه قبله؟ لكان حال البائع فيه كما بعد القبض، وليس كذلك؛ فإن ما يحدث بالمبيع من عيب قبل القبض يستحق المشتري به الفسخ، هكذا أورده الماوردي، وفي الثاني دلالة على أن ما ذكره متفق عليه، وإلا لم يحسن التمسك به.
والمراد بالدخول في الضمان بالقبض: أن المبيع لو تعيب لم يثبت له بسببه فسخ، ولو تلف لا ينفسخ العقد، وإن كان في مدة الخيار، كما ستعرفه من بعد؛ هذا هو المشهور.
وفي "الحاوي"[عند الكلام في الجائحة] أن ابن أبي هريرة قال: المقبوض في خيار الثلاث يستحق رده بما يحدث من العيوب في زمن الخيار، وإن كان القبض تاماً، وأبدى من عند نفسه منع ذلك.
واعلم أن الشيخ ذكر هذا الفصل؛ لأمرين:
أحدهما: الاحتراز عن مذهب من صار إلى دخوله في ضمانه بمجرد العقد، وهو الإمام مالك على ما حكاه المتولي، والبغوي أيضاً، وعن أبي ثور.
وخصص ابن الصباغ محل الخلاف، بما إذا لم يكن المبيع مكيلاً، ولا موزوناً، ولا معدوداً، وأن الإمام أحمد وافقه.
وحكى المتولي وغيره عنه أنه استدل بقوله عليه السلام:"الخراج بالضمان"،