وقد ينفر منه فيحتاج إلى ذكر ما قيل فيه، وبه يظهر صحته، إن شاء الله تعالى.
فنقول: حكى ابن الصباغ فيما إذا تلف المبيع بعد القبض في زمن الخيار، عن القاضي أبي الطيب: أن الشافعي نص في بعض كتبه: على أن البيع ينفسخ، ويجب على المشتري القيمة.
وقال في كتاب الصرف: يلزمه الثمن- قال القاضي: ويحتمل أن يكون المراد بالثمن القيمة، ويحتمل أن يكون المراد به إذا كان الخيار للمشتري وحده، وقلنا: أن المبيع ينتقل إليه بنفس العقد.
وحكى الشيخ أبو حامد: أن الخيار لا يسقط، فإن فسخ العقد وجبت القيمة، وإن انقضى الخيار بني انفساخه على أقوال الملك، فإن قلنا بانتقاله بنفس العقد، أو توقفه استقر عليه الثمن، وإن قلنا بأنه لا ينتقل إلا بانقضاء الخيار، قال أصحابنا: تجب القيمة؛ لأنه تلف في ملك البائع.
قال الشيخ- يعني أبا حامد-: وعندي أنه يضمن بالثمن؛ لأنه مسمى يثبت بالعقد فلا ينقطع مع بقاء العقد، واحتج لقوله: بأن القبض إذا وقع استقر البيع، وإذا استقر لم ينفسخ بهلاك المبيع.
قال ابن الصباغ: والطريقة الأولى أصح؛ لأنا إذا قلنا: إن المبيع في ملك البائع، فتلف لا يجوز أن ينتقل إلى المشتري بعد تلفه، وما ذكره من أن العقد ثابت فيثبت فيه المسمى غير مسلم؛ لأن العقدي نفسخ إذا تعذر إمضاء أحكامه بتلفه، وأما إذا قلنا: المبيع في ملك المشتري، فلا يمكننا أن نثبت استقرار العقد بتلفه؛ لأن في ذلك إبطالاً لخيار البائع، فمتى شاء المشتري أتلفه وأبطل خياره، ولا يمكن بقاؤه على حكم الخيار؛ لأنه إذا لم يتم العقد فلا يمكن إتمامه فيه بعد تلفه، كما لا يمكن العقد عليه بعد ذلك، وما ذكره من أن العقد يستقر به فغير صحيح؛ لأن القبض لا يستقر به العقد مع بقاء الخيار؛ ولهذا لا يدخل الخيار في الصرف لوجوب التقابض فيه، هذا آخر كلامه.
قلت: وقد يقال في الجواب عن ذلك: إن قولك: لا يجوز أن ينتقل إلى المشتري بعد تلفه، مسلم، لكنا نقول: ينتقل قبيل التلف، كما إذا تلف المبيع في يد البائع بل