واعلم أن بناء الإمام قد يظهر أنه مناقض، فإن ظاهر المذهب على ما حكاه عند الكلام في "بيع ذراع من الدار" والأصح على ما حكاه في كتاب القراض وغيره أيضاً صحة البيع، حتى قال في "التهذيب": لو لم يبق إلا صاع سلم إليه، وما حكى عن الجمهور تنزيل العقد في حالة العلم على الإشاعة، ومقتضاه أن يكون الراجح عدم الصحة، لكن سبيل تصحيحه أن يقال: إنهم ينزلون العقد على الإشاعة إذا أمكن.
وإذا لم يمكن فهو منزل على صاع منها؛ لاستواء الغرض، وهذا مصرح به في "تعليق" القاضي الحسين، وإليه أشار الرافعي أيضاً.
وبنى الغزالي الخلاف في هذه المسألة على مأخذ فساد البيع فيما إذا قال: بعتك عبداً من هذه الأعبد الثلاثة، هل هو الغرر الذي فيه مع سهولة الاجتناب عنه، أو لأن العقد لابد له من مورد يتأثر به كما في النكاح؟
فعلى الأول يصح هاهنا إذ لا غرر؛ لتساوي أجزاء الصبرة بخلاف العبيد، وإن تساوت قيمها؛ لأن أعيانها مقصودة.
وعلى الثاني يبطل، وهو الأصح عنده.
وقد حكى في "التتمة" عن القديم قولاً مثل مذهب أبي حنيفة أن البيع يصح في مسألة العبيد إذا قال: بعتك أحد عبيدي أو عبيدي الثلاثة على أن تختار من شئت في ثلاثة أيام فما دونها، وعلى هذا لا يمكن البناء، والمذهب بطلان البيع.
وفساد القديم يظهر بعدم اطراده في الثياب وغيرها من الدواب والأعيان، فإن أبا حنيفة لم يطرد قوله كما حكاه أصحابنا فيها، ولا فيما زاد على الثلاثة أبعد.
ولو لم يملك من الأعبد الثلاثة إلا واحداً فقال: بعتك عبدي منها، وهو غير معروف، ففي "التهذيب" الجزم بالبطلان، وفي "التتمة" تخريجه على بيع الغائب مع مشاهدة جميعهم.
فرع: لو قال: بعتك صاعاً من هذه الصبرة ونصف الباقي بعده – لم يصح؛ لأن الباقي يبقى مجهولاً، قاله القاضي الحسين.
وأبدى الإمام فيه في كتاب القراض احتمالاً من حيث إن بيع الصاع وحده مع