للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سلك هذا المسلك يلزمه التخريج على بيع الغائب، وكان شيخي يتأنق في التصور ويقول: إذا ابتدر حلبه واللبن على كمال درَّته، لم يظهر اختلاط شيء به له قدر وبه مبالاة، وإن فرض شيء على بعد- فمثله محتمل، كما إذا باع جزءاً من قرط.

فإذا قل مقدار المبيع وتصور بالصورة التي ذكرناها، وفرض أبداً الأنموذج فينقدح ذكر خلاف هاهنا.

ومن حقيقة هذا أن الخلاف إذا رُدَّ إلى تقليل المقدار، فلا حاجة إلى ذكر الأنموذج في التخريج على الخلاف.

وحاصل القول: أنه إذا ظهر الزائد والاختلاط، امتنع البيع قولاً واحداً، وإن قل المقدار، فمن أصحابنا من يرى إلحاق هذا ببيع الغائب.

ومنهم من حسم الباب وراء إلحاق القليل بالكثير؛ فإنه لا ضابط للقدر الذي يقال فيه: إنه مبيع خالص غير مختلط، وهذا ما حكاه المتولي.

ولما تأمل الغزالي كلام الإمام قال: وغلط الفوراني إذ ذكر في الأنموذج وجهين، وصور محل الخلاف فيما إذا قبض على قدر من الضرع و [أحمك] شَدَّهُ.

قال والمسك في الفأرة [أي]: قبل الفتق، كما صرح به المحاملي، والإمام؛ لأن بقاءه في غير الفأرة ممكن؛ فلم يصح بيعه مع استتاره بها، والجهل بقدره كالدر في الصدف.

وحكى الإمام عن صاحب "التقريب" وغيره عن ابن سريج: أنه قال: يصح بيعه؛ لأن بقاءه فيها من مصلحته؛ لأنها تحفظ رطوبته ورائحته، فكان بمنزلة الجوز واللوز في قشره.

وقال الإمام: الوجه عندنا تخريج البيع على بيع الغائب؛ فإن بيع المسك في فأرته مع فأرته لا يزيد على بيع الثوب في الكم، فإن كان ما ذكره الأصحاب جواباً على منع بيع الغائب فصحيح.

وإن قطعوا بالفساد، وفرقوا بينه وبين الغائب، فهذا لا سبيل إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>