للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما على الآخر: لم يكن حمل الصحة على البطلان بأولى من العكس؛ فوجب أن يسقط اعتبار أحدهما بالآخر لتكافؤ الأمرين، ويحمل كل منهما على مقتضاه في الحالين، ولأن كل واحد منهما لو أفرد العقد عليه لخالف حكمه حكم صاحبه؛ فوجب إذا جمع بينهما أن يختلفا أيضاً، كالمشتري صفقة عبد، أو شقصاً فيه الشفعة، وهذا القول هو الصحيح عند القاضي أبو الطيب، قال: وبه أفتى، وصححه غيره أيضاً، واختاره الغزالي في موضعين من "الوسيط" في الإقالة وفي باب المصراة.

وأجاب القاضي عن جهالة الثمن، بإنا على قول نخيره بين أن يختار بكل الثمن، أوي فسخ؛ فلا جهالة إذن.

أو على القول الآخر نقول: العقد وقع على ثمن معلوم في الابتداء وإنما سقط بعضه لمعنى في العقد فصار كما إذا رجع بأرش العيب فإن الثمن ما بقي وليس بمعلوم في العقد، ومع هذا فالبيع صحيح بما بقي.

قلت: ويؤيد ذلك ما سنذكره في المرابحة عند حط الزيادة.

وعن الثاني: بأن الذي بطل العقد فيه غير متميز عما صح العقد فيه بأن كُلاًّ منهما لو أفرد لصح العقد به، فليس أحدهما بالبطلان بأولى من الآخر؛ فأبطل العقد فيهما، وهاهنا الحرام ممتاز عن الحلال، فاختص الفساد به.

وحكى الإمام طريقة في المسألة الأولى جازمة بعدم الصحة، وهي التي صححها الشيخ أبو محمد في السلسلة.

ويجري الخلاف فيما إذا باع خمراً وخَلاًّ وخنزيراً وشاة وميتة ومزكاة، وكذا إذا باع معلوماً ومجهولاً إن قلنا يجيز بكل الثمن، وإن قلنا يجيز بقسطه من الثمن؛ فلا يجوز وجهاً واحداً.

وحكى الرافعي على هذا وجهاً: انه يصح ويثبت له الخيار، فإن أجاز لزمه جميع الثمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>