قال: والمجنون إذا أفاق، أي وكذا المغمى عليه، والأصل فيه ما روي: أنه- عليه السلام- كان في مرضه الذي مات فيه يغشى عليه، فإذا أفاق قال:"ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ، وَكَانَ يَغْتَسِلُ". فإذا شرع ذلك في الإغماء؛ ففي الجنون أولى.
وقد حكي عن الشافعي، أنه قال في "الأم": قلما جن إنسان إلا أنزل، وإن كان هكذا اغتسل المجنون للإنزال. وإن شك أحببت أن يغتسل احتياطاً، ولم أوجب ذلك عليه حتى يستيقن الإنزال.
قال البندنيجي: وهذا صحيح، إن كان بزوال العقل [ينزل غالباً؛ فمتى أنزل أو لم ينزل تعلق الغسل بزوال العقل]؛ كما نقول في النائم: يجب عليه الوضوء؛ لأن النوم مظنة الحدث، وإن لم يغلب ذلك لم يجب.
والجمهور على عدم وجوبه في الحال، وفرقوا بينه وبين النوم: بأن الحدث الذي النوم مظنته لا علامة تدل عليه بعد الإفاقة، بخلاف الإنزال؛ فإنه عين يمكن الوقوف عليها.
قال: والغسل للإحرام، ولدخول مكة، وللوقوف- أي: بعرفة ومزدلفة- وللرمي- أي: إلى الجمرات الثلاث، في أيام التشريق، في كل يوم غسلاً واحداً؛ فيكون له ثلاثة أغسالٍ- وللطواف، أي: طواف الركن. وهذه الأغسال تذكر أدلتها في الحج.
وقد حكى القاضي أبو الطيب: أن الغسل لطواف القدوم، منصوص عليه في القديم دون الجديد.
وكذا الغسل لطواف الوداع، والغسل بعد حلق رأسه، وبذلك تكمل اغتسالات الحج عشراً.
قال الأصحاب: ولا يختلف قوله: في أنه لا يستحب الغسل لرمي جمرة العقبة؛ لأنها