والثالث - وهو اختيار ابن أبي هريرة -: أنه يجب قيمة يوم الوضع، فإن التلف تحقق يومئذ، وما تقدم غير موثوق به.
قلت: ويتجه أن يجيء منها هاهنا الوجه الأول والأخير، وأما الوجه الآخر وهو اعتبار قيمة يوم الإحبال [فيحتمل أن تجيء أيضاً، ويحتمل أن يكون عوضه أنه يجب أقصى القيمة من يوم الإحبال] إلى يوم الرد، والله تعالى أعلم.
فإن قيل: لو علقت الحرة من وطء شبهة ثم ماتت من الطلق لم يجب عليه ديتها.
فهلا قلتم هنا مثله؟
قال المحاملي: قلنا: لنا في تلك المسألة قولان:
أحدهما: أن الدية تجب، فعلى هذا سقط السؤال.
والثاني: لا تجب.
والفرق أن ضمان الأمة أوسع من ضمان الحرة؛ ألا تراها تضمن باليد والحرة لا تضمن باليد، والذي رجحه الإمام [في كتاب الرهن الأول.
ويجري القولان في الحرة فيما إذا وطئت بالزنا مستكرهة، على ما حكاه الإمام] هاهنا، وكذلك ابن الصباغ، والقاضي أبو الطيب، وأضافوا إلى الفرق الأول أنه غير محكوم بأنه منه وغير ملحق به فلا ينسب التلف إليه، ولأجل هذا جزم في "النهاية" في كتاب الرهن بعدم وجوب الضمان، وعزاه إلى الأصحاب وطرده في الأمة وإن قدرت مضبوطة.
فروع:
نختم بها الباب: فيما إذا اشترى أمة شراء فاسداً فوطئها فحملت منه -: ولو لم تمُت من الولادة ولكن نقصت قيمتها.
قال الأصحاب: يجب عليه الأرش.
وفي "النهاية" في كتاب الصداق: أنه لو أصدق زوجته جارية حاملاً وولدت في يد الزوجة وانتقصت قيمتها بالولادة- أنه يجب بناء هذا على أن المبيع إذا خرج في يد البائع ثم سرت الجراحة في يد المشتري، وقد ظهر اختلاف الأصحاب في ذلك؛