تعالى: - وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء:١٦١] يعني: في الكتب السالفة.
وقد اختلف أصحابنا فيما جاء به الكتاب من تحريم الربا: هل هو مجمَل فسّرته السُّنَّة؟ أو يتناول معهود الجاهلية من ربا النسيئة وطلب الفضل بزيادة الأجل؟ على وجهين، والأخير اختيار أبي حامد المروزي.
قال:"ولا يحرم الربا إلاَّ في الذهب والفضة والمأكول والمشروب".
أمَّا التحريم في هذه الأشياء فالأصل فيه ما روى الشافعي بإسناده عن مسلم بن يسار ورجل آخر عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلاَ الوَرِقَ بالوَرِقِ، وَلاَ البُرَّ بالبُرِّ، وَلاَ الشَّعِيرَ بِالشَّعِير، وَلاَ التَّمْرَ بالتَّمر، وَلاَ المِلْحَ بالمِلْح، إِلاَّ سَواءً بسَوَاءٍ، عَيْناً بِعَين، يَداً بيَدٍ، وَلَكن بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ، وَالوَرِقَ بِالذَّهَبِ، وَالبُرَّ بِالشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرَ بِالبُرِّ، وَالتَّمْرَ بِالْمِلْحِ، وَالْمِلْحَ بِالتَّمْرِ كَيْفَ شِئْتُمْ".
قال: ونقص أحدهما: "التمر" أو "الملح"، وزاد الآخر:"فَمَنْ زَادَ، أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى"[انتهى]؛ فثبت التحريم في هذه الستة بالنص، وقسنا ما عدا الأربعة من المطعومات والمشروبات عليها؛ لما اشتركوا فيه من الطعم؛ إذ هو العلة فيها على ما سنذكره.
وصار القاضي أبو الطيب في تعليقه إلى أن عموم الألف واللام في قوله – عليه السلام -: "لاَ تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ" متعينٍ القياس؛ لأنه عمم الحكم في كل مطعوم لفظاً. واختاره الإمام في الأساليب.
وأمَّا عدم تحريم الربا فيما عدا ذلك فهو ثابت فيما إذا اختلف الجنس بإجماع الأئمة – كما حكاه المحاملي – وإذا اتحد الجنس فقد قال أبو حنيفة بتحريم النَّساء من أي جنس كان.
ودليلنا عليه: ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجهز جشاً وليس عندنا ظهر، فابتعت البعير بالبعيرين وبالأبعرة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم