قال:"والتفرق قبل التقابض"؛ لقوله – عليه السلام -: "يَداً بِيَدٍ"، ولا فرق بين النقدين بين المصوغ منهما وغير المصوغ، ولا بين التبر وغيره، ويدل عليه قوله – عليه السلام -: "الذَّهبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَْنُهَا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا". أخرجه أبو داود عن عبادة.
وروى الشافعي في القديم عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء [بن يسار] أن معاوية باع سقاية من ذهب أو وَرِقٍ بأكثر من وزنها، فاقل أبو الدرداء:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ"، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا أَرَى بِهَذَا بَاساً، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ هَذَا؟! أُخْبِرُهُ عَنْ النَّبي صلى الله عليه وسلم وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَايِهِّ، قدم على عمر فأخبره بذلك، فَكَتَب عُمَرُ إلَى مُعَاوِيَةَ:"ألا لاَ تَبِعْ ذَلِكَ إِلاَّ وَزْناً بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ".
ولا فرق – فيما ذكرنا – بين أن يكون العقد وارداً على العين أو الذمة، وإن كان ظاهر الخبر قد يمنع إذا ورد العقد على ما في الذمة؛ لأنهما [إذا] عينا في المجلس صار عيناً بعين، كما إذا تقابضا في المجلس كان يداً بيد.
وفي "الرافعي" في كتاب "السلَم" حكاية وجه: أنه لا يجوز بيع الطعام بالطعام في الذمة، ويقوم مقامَ قبض العاقد قبضُ وكيله بحضرته في المجلس، وكذا وارثه إن قلنا: إن خيار المجلس لا يبطل بالموت، دون ما إذا فارق الموكل المجلس قبل القبض، أو قلنا: ببطلان خيار المجلس بالموت؛ فإنه يبطل العقد. قاله الإمام في آخر "الوكالة" والماوردي هنا.
ولو أحال أحدهما على صاحبه بما وجب له عليه، فإن قبض في المجلس جاز، إن قلنا إن الحوالة استيفاء؛ لأنها ليست باستيفاء حقيقة. قاله الماوردي وغيره.