ومنهم من قال: ينظر في ذلك: فإن كانت الصغار ظاهرة فيما بين الكبار؛ بحيث يبين ذلك للناظر من غير تأمل، فلا يصح العقد، وإن لم يكن ظاهراً صح، وصار كما لو باع أرضاً [فيها] معدن ذهب بذهب إن كان المعدن ظاهراً لم يصح، وإن كان غير ظاهر صح.
وتظهر فائدة الاختلاف في الأصل فيما لو باع صاعين بدرهمين، ثم خرج أحد الصاعين مستحقاًّ – أنه لا يستحق درهماً بإزائه، وإنما سترد ما يقابله باعتبار القيمة، كذا حكاه ابن التلمساني في "شرحه".
وفي "التهذيب" حكاية وه فيما إذا ظهر في الأرض معدن ذهب، وقد باعها بالذهب: أنه لا يصح؛ كما لو باع بقرة بلبن بقرة، وكانت البقرة لبوناً؛ فإنه لا يصح إذا باع داراً مموهة بالذهب: فإن تحصل منه شيءٌ بالعرض على النار حرم، وإلاّ فيجوز.
قال:"ولا يجوز بيع اللبن" – أي: لبن شاة، أو ما يعمل منه – "بشاة في ضرعها لبن" أي: مقصود؛ لأن اللبن في الضرع يأخذ قسطاً من الثمن بدليل أنه – عليه السلام – أوجب في مقابلته في المصراة عند الرد صاعاً من التمر، وإذا أخذ قسطاً من الثمن كان من صور "مد عجوة".
وفي "الجيلي" حكاية وجه: أنه يجوز، ويمكن أن يكون مأخذه ما حكاه الغزالي في المصراة: أن اللبن في الضرع لا يقابله قسط من الثمن على رأي.
أما إذا كان اللبن لبن بقرة مثلاً، فإن قلنا: إن الألبان جنس واحد، فكذلك الحكم.
وإن قلنا: إنه أجناسٌ، وفرعنا على المذهب – فيتخرج على قوليْ تفريقِ الصفقة في الحكم؛ لأن ما يقابل اللبن الذي في الضرع من اللبن الذي في الإناء يشترط فيه التقابض، [وما يقابل الشاة من اللبن الذي في الإناء لا يشترط فيه التقابض].
ولو باع شاة في ضرعها لبن بشاة في ضرعها لبن لم يصح، خلافاً لأبي الطيب بن سلمة؛ فإنه جوز ذلك، كما في بيع السمسم [بالسمسم] وسلم الحكم في بيع اللبن بالشاة، وشبهه ببيع الدهن بالسمسم.