التأبير، وأمَّا جعل ما لم يتشقق تابعاً لما يشقق، فالأصل فيه أيضاً الحديث؛ فإنه - عليه السلام - لم يفصل بين أن يكون التأبير في جميعه أو في بعضه، ولأن في اعتبار التأبير في كل نخلة مشقة، وفي تبعيض الثمرة بين البائع والمشتري اختلاف وسوء مشاركة، فجعل ما لم يؤبر تابعاً لما أبر في دخوله في البيع؛ لأنه قد استقر في الشرع أن يكون الباطن تبعاً للظاهر دون العكس، كما في أساس الحائط، ورءوس الأجذاع، فإذا ثبت ذلك في النخل قيس ما في معناه، والورد والياسمين وما في معناهما عليه؛ بجامع ما اشتركوا فيه من الكمون والظهور.
وذكر ابن الصباغ أن الشيخ أبا حامد ذكر أن الورد يكون للبائع وإن لم يتفتح، وأنَّه ظاهر كلام الشافعيّ، ثم قال:"والأول أقيس".
وفي "التهذيب": أن ما لم يظهر من الورد لا يتبع الظاهر، وإن كان على شجرة واحدة؛ لأنه يؤمن فيه المحذور؛ فإنه يجمع أولاً فأولاً.
فرع: لو أُبِّر بعض النخل، وأورد العقد على ما لم يؤبر - نُظر: إن كانا من حائطين لم تكن الثمرة للبائع وإن كانا متجاورين؛ لانتفاء المعنى المشترك وهو المخالطة، وإن كانا من حائط واحد؛ فوجهان حكاهما الماورديّ وغيره، أصحهما: أنه لا يتبع.
وفي "الرافعي" حكاية وجه: "أنه يتبع في الحائطين أيضاً إذا قلنا: إنه يتبع في الحائط الواحد، وهذا كله إذا اتحد مالك المجموع، أمَّا لو اختلف فالخلاف مرتبٌ على ما إذا اتحد المالك وأولى بالبطلان، حكاه الرافعيُّ في "بدو الصلاح".
قال: "وقيل: إن ثمرة الفُحَّال للبائع بكل حالٍ"، أي: سواء تشقق الطلع أوْ لا، قال الماوردي: "وهو الأصح"، والفرق بينه وبين ثمرة الإناث أن طلع الإناث لا يوجد إلاَّ بعد إباره وتناهيه بسراً أو رطباً، وطلع الفحال يوجد قبل إباره، ويكون حال تناهيه طلعاً.
قال: "وهو خلاف النصّ" أي: نص الشافعي.
ووجه النص ما ذكرناه من مفهوم الحديث وغيره، وما ذكر في الفرق - من أن طلع الفحال حال تناهيه أن يكون طلع طلعاً - ممنوع؛ لأن المقصود من طلع الفُحَّالِ الكُشُّ لتلقيح الإناث، وذلك لم يوجد بعد؛ فهو كطلع الإناث.
تنبيه: إطلاق الشيخ القول بأن ما لم يظهر تابعٌ لما ظهر يعرفك أنه لا فرق في ذلك بين أن يكونا من نوع واحد أو نوعين، كما هو الصحيح في "تعليق" أبي الطيب،