فإن قلنا بقول أبي حامد ثبت له الخيار إذا كان عالماً بالتصريةحال العقد، وإن قلنا بقول أبي إسحاق فلا، وهذا ما اختاره ابن أبي عصرون، وجزم به أبو الطيب، وحكى الرافعيُّ وغيره مثله عن ابن أبي هريرة فيما إذا ثبتت التصرية بإقرار البائع أو بشهادة عدلين، وصححه.
ويتفرع على قول أبي حامد وأبي إسحاق الفرع الآخر، وهو ما إذا مضت مدة الثلاث قبل العلم بالتصرية، فعلىقول أبي حامد: يسقط الخيار، وعلى قول أبي إسحاق: لا، صرح به الماوردي.
والسقوط على قول أبي حامد موافق لما حكاه الماوردي فيما إذا مات أحد المتعاقدين في مدة خيار الشرط، ولم يطلع وارثه إلاَّ بعد انقضاء مدته: أنه يسقط، ويتجه أن يجيء هاهنا تفريعاً على قول أبي حامد ما حكيناه ثَمَّ.
وفي "تعليق" البندنيجي: أن أبا إسحاق قال: لو أراد الرد قبل الثلاث لم يكن له؛ لأنه ما علم بالعيب، وإن أراده بعد الثلاث لم يكن له؛ لأنه ترك الرد بعد القدرة على معرفة العيب، وإنما [له] الرد عند انقضاء الثلث.
وهل ابتداء الثلاث من حين العقد، أو من حين انقضاء خيار المجلس؟ فيه خلاف كما في خيار الشرط. حكاه الرافعيُّ.
آخر:
عدول الشيخ عن أن يقول: إذا اشترى حيواناً مأكولاً مصراة، إلى ما ذكره - احترازٌ عن غير النعم من المأكولات؛ فإن فيه خلافاً، اختيار البصريين: أن حكم التصرية لا يثبت فيه، والصحيح - ما حكاه الرافعيُّ، وهو اختيار البغداديين -: الثبوت.
قال: وإن اشترىتانا مصراة ردّها"؛ لأن في كثرة لبنها نفعاص وغرضاً، فكان نقصه غبناً كالنقص في لبن النعم.
قال: "ولا يرد بدل اللبن" أي: سواء قلنا بنجاسته على المذهب، أو بطهارته [وجواز شربه، كما ذهب إليه أبو سعيد الإصطخري؛ لأنّا إن حكمنا بنجاسته لا قيمة للنجس، وإن حكمنا بطهارته]؛ فلأنه غير مقصود بالأعواض وهو تبع.