كان في البلد ردّ عليه بنفسه أو بوكيله، وكذا لو كان وكيله حاضراً، ولا يضر اشتغاله عن الرد بالسلام على البائع، فلو تركه في البلد، ورفع الأمر إلى القاضي لم يضر، وإن كان غائباً عن البلد رفع الأمر إلى الحاكم.
قال القاضي في "فتاويه": "فيدعي شراء ذلك من فلان الغائب بثمن معلوم، وأنه أقبضه الثمن، وقد ظهر لي به عيبٌ، وقد سخت، ويقيم البينة على ذلك في وجه مسخر ينصبه القاضي ويحلفه القاضي مع بينته، ثم يأخذ المبيع منه ويضعه علىيد عدل، ويبقى الثمن في ذمة الغائب، فيقضيه له القاضي من ماله، فإن لم يجد له سوى المبيع باعه فيه، وإذا لميتأتَّ الإتيان إلى الخصم أو القاضي في الحالين، وتمكن من الإشهاد على السخ: هل يلزمه ذلك؟ فيه وجهان، المنقولُ عن المتولي وغيره منهما: اللزوم، ويجري الخلاف فيما إذا أخر بعذر مرض أو غيره.
وإن عجز عن الإشهاد فهل عليه التلفظ بالفسخ؟ فيه الخلاف السابق، والصحيح عند الإمام والبغوي أنه لا حاجة إليه.
وفي "الوسيط": أن البائع إن كان حاضراً ردّ عليه، وإن كان غائباً تلفظ بالرد، وأشهد شاهدين [عليه]، فإن عجز حضر عند القاضي وأعلمه الرد، ولو رد إلى القاضي، والخصمُ حاضر فهو مقر، وأشار الإمام إلى خلاف في هذه الحالة، وقال: "إن هذا ظاهر المذهب، لكنه ذكر في الشفعة أن الشيع لو ترك المشتري، وابتدر إلى مجلس الحكم، واستعدى عليه – فهو فوق مطالبته المشتري؛ لأنه ربما يوجه آخراً إلى المرافعة، وحكينا معاً وجهين فيما إذا تمكن من الإشهاد وتركه، ورفع إلى القاضي.
وهذا يدلُّ على أن المضي إلى القاضي أقوى من لقاء الخصم، وأما الإشهاد فهو أقوى من المضي إلى القاضي على وجه ومساوٍ له في وجه، والمذكور هاهنا: أن لقاء الخصم أقوى من الإشهاد. والإشهاد أقوى من المضي إلى القاضي، فليتأمل.
وقد أبدى الرافعيُّ إشكال هذا الترتيب على غير هذا النحو.
ويشترط مع المابدرة إلى الرد ألاَّ ينتفع بالمبيع قبلا لتمكن من الرد، فإن فعل بطل