الإمساك مع غرامة أرش القديم - فحاصل ما شاتمل عليه كلام الأصحاب وجوه:
أحدها: أن المتبع رأي المشتري، وروي عن أبي ثور أنه نصه في القديم.
والثاني: أن المتبع رأي البائع.
والثالث - وهو الأصح -: أن المتبع رأي من يدعو إلى امساك والرجوع بأرش العيب، سواء كان البائع أو المشتري.
أمَّا إذا كان سبب العيب الحادث في يد المشتري موجوداً في يد البائع كما إذا جنى في يد البائع فاقتص منه في يد المشتري، فقد ذكرنا أنَّ المذهب ان ذلك ليس مانعاً من الرد، خلافاً لابن سريج. ويلتحق بذلك [إذا اشترى جارية بكراً من وجه وافتضها الزوج في يد] المشتري، ويناسبه انه إذا اشترى جارية حاملة ووضعت في يده، ونقصت بسبب - أن يتخرج على الوجهين، ويؤيده أن الرافعي حكى فيما إذا أصدق زوجته جارية حائلاً فحملت في يده، ووضعت في يدها، ثم طلقها: فالنقص الحاصل منسوب إليها أو إليه؟ فيه وجهان، وقد جزم الماوردي فيما ذكرناه بأنه ليس له ردها.
فرع: لو وهب البائع المشتري الثمن، ثم اطلع على عيب بالمبيع - لم يجز له طلب بدل الثمن على قول، وامتنع بسببه رد المبيع عند بعضهم؛ لعروه عن الفائدة، على ما تضمنه كلام الغزالي في كتاب "الصداق"، وجزم القاضي الحسين بجواز الرد فيما إذا كان قد أبرأه من الثمن، وفائدته: التخلص عن حفظ المبيع. حكاه في باب "المصراة".
واعلم أن طريق معرفة الأرش أن يقوّم المبيع سليماً، فإذا قيل: مائة، قوّم معيباً، فإذا قيل: تسعون - عُرف أن التفاوت بينهام العُشْر؛ فيرجع بعشر الثمن إن كان معلوماً، وإن كان مجهولاً فبعشر ما يتفقان عليه، وإن اختلفا، قال الجيلي: فيخرج على قولين:
أحدهما: ان القول قول البائع؛ لأنه غارم.
والثاني: أن القول قول المشتري؛ لأن البائع يدعى استقرار ملكه على مقدارٍ؛ فلا يقبل قوله مع بدو العيب القديم، ثم القيمة بأي حال تعتبر؟