وهذا ما صححه الشيخ أبو حامد والماوردي، واختاره في "المرشد".
قال:"ويَرُّد معه أرش ما نقص بالكسر في أحد القولين"؛ قياساً على المصراة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بردّها ورد صاع من تمر بدل اللبن؛ فعلى هذا يُقوّم معيباً بلا كسر ومعيباً مكسوراً، ويجب ما بين القيمتين، ويجيء فيه ما قاله مجلي.
قال:"دون الآخر"؛ لأن البائع سلطه على كسره؛ لأنه لا يمكن إدراك صلاحه وفساده إلا بذلك، فلم يجب عليه ردّ شيء معه، قال البندنيجي:"ولأنه قطع قطعاً مستحقًّا؛ فهو كما لو اشترى عبداً فختنه، ثم علم بالعيب"، وهذا ما صححه الشيخ أبو حامد، والبغوي وغيرهما.
قال:"والثاني" – أي: القول الثاني في الأصل -: "لا يرد"؛ لانه حدث في يده نقصٌ؛ فوجب أن يسقط ردّه بالعيب؛ كما لو اشترى ثوباً فقطعه.
قال: بل يرجع بالأرش إن كان لما بقي قيمة – أي: بعد الكسر كالبطيخ الذي حمض بعضه، والجَوْز، واللوْز، والرانج، وبيض النعام؛ لتعينه، طريقاً لدفع الضرر.
وهذا ما صححه المزني والبغوي.
وقد يعضد بما استدل به صاحب القول الأول من حديث المصراة؛ فإنَّ اللبن قابله قسط من الثمن، ومع هذا منع الشرع رده؛ لما حصل فيه من عيب في يد المشتري وإن كان لاستعلام العيب، وعلى تقدير أن يقول القائل الأول: امتناع الرد ليس كذلك، بل اختلاطه بملك المشتري وجهل قدره- فيقال له: ذلك مبطل لما استدللت به؛ لأنه يصير في المحلأمران يحتمل امتناع الحكم بسبب كلٍّ منهما؛ فلا يتعين ما ذكرته، لكن له أن يبقى على دليله الأول، وهو إيجاب الشرع التمر في مقابلة اللبن يدل على انفساخ العقد فيه؛ إذ لو لم يكن كذلك لكان الواجب في مقابلته قسطاً من الثمن، كما إذا وجد بأحد العبدين عيباً وردّه، وقلنا: يمسك الآخر، وكونه منع فسخ العقد فيه لم يوجب الشرع ردّه؛ لعدم العلم بقدره، واختلاطه بغيره، وسنذكر عن ابن سريج نحواً من ذلك في مسألة ظهور العيب بالحلي، وقد يحصل في المسألة عند الاختصار ثلاثة أقوال: لا يردُّ ويرجع بالأرش، يرد [ويرد] الأرش، يرد ولا يرد الأرش.