ووجه التخريج: أن المشتري لو سكت ترك فهو المدعي، إذاً فيكون القول قول البائع؛ لأنه المدعي عليه؛ فإنه لو سكت لم يترك.
وإن قلنا: المدعي من يدعي أمراً خفيًّا" فالمدعي هو البائع؛ فإنه يدعي القبض الملتزم، والأصل عدمه، والمشتري يدعي عدم القبض، وهو الأصل، ويقرب من هذه المسألة ما حكاه الإمام في "الرهن" عن القاضي، وهو ما إذا اشترى لبناً في قمقمة، فصبه البائع في قمقمة المشتري، فوجد فيه فأرة، فاختلفا، فقال المشتري: بعتني اللبن طاهراً فوجدت فيه فأرة، وقال البائع: لا، بل كانت الفأرة في قمقمتك، وكان من جوابه أن هذا تخريج على القولين في إقباض العصير والخمر.
فإن قيل: إذا كانت النجاسة في ظرف المشتري، فاللبن ينجس بملاقاة النجاسة؛ فليس ما ادّعاه إقباضاً على الصحة.
قلنا: ليس كذلك؛ فإن اللبن إذا حصل في فضاء الظرف، ثبت له حكم القبض جزءاً جزءاً قبل أن يلقى النجاسة.
واعلم أن الشيخ تكلم في سخ العقد بسبب التدليس والعيب والخلف، وسكت عن سخه بالتراضي، وهي الإقالة، ولا شك في جوازها واستحبابها عند ندم أحدهما على العقد؛ لما روى أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ".