حكى بعد هذا البناء أنه قولٌ مخرج من المسألة التي نذكرها من بعد، وفي الرافعي: أنه الذي نقله المزني، وقد جزم بعض الأصحاب بالقول الأول، وحمل ما نقله المزني على ما إذا ثبت النقص بالبينة، وفرق بأنه إذا ثبت ذلك بالإقرار دلّ على أمانته وديانته؛ فلا يخاف خيانته مرة أخرى؛ ولذلك لم يثبت للمشتري خيار، وإذا ثبت خيانته بالبينة لا تؤمن خيانته، بأن يكون هذا الثوب قد اشتراه بثمانين، وأخفى الذي اشتراه بتسعين.
ثم إذا ثبت للمشتري الخيار، وأجاز، أو لم يثبته له، فهل للبائع خيار؟ فيه وجهان، وقيل قولان، أظهرهما: لا، وقيل: محلهما إذا ثبت النقص بالبينة، أمَّا إذا ثبت بالإقرار فيثبت قطعاً، ووراء ما ذكرناه قولان، أو وجه وقول:
فالوجه رواه القاضي أبو حامد في "الجامع"؛ بناءً على الحط أن العقد باطل لكون الثمن مجهولاً عند العقد، وحكاه صاحب "التقريب" قولاً، وضعفه الإمام.
وتقريره: أن الحط لا يفتقر إلى إنشاء حط، كما في أرش العيب القيم على رأي، بل من أصل العقعد، وذلك يحصل الجهالة.
وقد أجاب الإمام عن ذلك بأنّ العقد عقدٌ على ظن العلم بالثمن؛ فاكتفى به، وإذا أخلف فطريق الاستدراك الخيار، لا الحكم بالفساد، وهذا يناظر قولنا: لا يزوج السيد أمته من مجبوب على علم، ولو فعل لم يصح، ولو زوجها على ظن السلامة انعقدت وخيرت الأمة.
وعبر الماوردي عن هذا الوجه: بأن من أصحابنا من قال على قول الحط: يأخذه بعقد مستأنف.
ثم قال: وهذا غلطٌ؛ لأنه لو أخذه بعقد مستأنف لبطل العقد الأول، إلى اشتراط قدر الربح، كما افتقر إليه الأول.
وما قاله الإمام من الاستدراك بالخيار فيه نظرٌ؛ لما قد عرفت ان المذهب: أن الخيار لا يثبت.
والقول: أن العقد ينعقد بجميع الثمن، وهو في مسألة الكتاب مخرجٌ مما إذا ثبت