ولا نزاع في أن القادم لو سأل الحاضر ذلك ابتداءً جاز؛ لأن في المنع منه إضرارً بالبدوي، ولو استشار البدوي الحاضر في ذلك، فهل يرشده إلى ذلك؟ حكى ابن كجٍّ عن أبي الطيب وأبي إسحاق المروزي: أنه يجب عليه إرشاده إليه؛ لبذل النصيحة، وعن أبي حفص بن الوكيل: أنه لا يرشده إليه.
قال:"ويحرم تلقي الركبان" وهو أن يلقى القافلة ويخبرهم بكساد ما معهم؛ ليغبنهم، أي: فيما يشتريه منهم- لما روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لاَ تَلَقَّوُا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَ أَتَى سَيّدُهُ بِالسُّوقِ فَهُوَ بِالْخِيارِ".
وقد روى أبو داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ، فَإِنْ تَلَقَّى مُتَلَقِّ فَاشْتَرَاهُ فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذَا وَرَدَ السُّوق. وغير ذلك من الأحاديث، وفي نظرٌ إلى أهل البادية كما نظر في الأحاديث المذكورة في الفصل قبله إلى أهل الحاضرة، كذا قاله أبو إسحاق في "الشرح".
وفي "الحاوي" ما يدل على أنّ المنع من تلقي الركبان؛ لأجل أهل المدينة: إمَّا خشية انقطاع القوافل عنها وعدولهم إلى غيرها – كما حكاه عن الجمهور – أو خشية أن يحبسه المبتاع في بيته؛ فتضيق الحال على أهل المدينة، كما حكاه عن غيرهم.
تنبيه: القافلة عند أهل اللغة: الرفقة الراجعة من السفر، ومن قال: القافلة تطلق على الذاهبة والراجعة، فقد أخطأ؛ لأن القفول الرجوع.
يقال: قفل يقفل، بضم الفاء.
والشيخ أطلق على الحاضرة قافلة؛ باعتبار ما تئول إليه.