وقال المتولي: إن قلنا بالأول فهو كالمستام، أي: فتأتي فيه الأقوال الثلاثة التي ذكرناها في ضمان البيع الفاسد، وإن قلنا بالثاني فيجيء الوجه الذي حكيناه عن القاضي الحسين.
ومحل هذا الخلاف [ما حكاه في "الإشراف"]: إذا قلنا: إن الفسخ يقع في الباطن.
ولو كانت العين المبيعة باقية بحالها لم يتعلق بها حقٌ ثالث، ردّها، وكذا لو اكنت زائدة، وإن كانت ناقصة ردّها مع الأرش، وهو قدر ما نقص من القيمة.
قال الشيخ أبو علي: وهذا أصل مطّرد في المسائل: أن كل موضع لو تلف الكل كان مضموناً على الشخص بالقيمة، فإذا تلف البعض كان مضموناً عليه ببعض القيمة [الأولى]، إلا في تعيُّب الزكاة المعجلة في يد الفقير؛ فإنها لو تلفت ثم تلف المال، رجع عليه بقيمتها، ولو كانت قد تعيبت ففي الرجوع عليه بالأرش وجهان، وكذلك حكاه الإمام، وادعى انعكاسه بأن كل من لا يضمن القيمة إذا تلفت العين في يده، لا يضمن الجزء إذا تلف، كالبائع يتعيب المبيع في يده قبل القبض.
قلت: وهذا الأصل يستثني منه مسائل، منها: المسألة التي نحن فيها؛ فإن الإمام حكى في آخر "النهاية" عن الشيخ أبي علي أنه تشبث بإجراء الخلاف فيها بعد أن قال: إن صاحب الوجه بعدم الرجوع بالأرش [إن طرده فيها] كان قريباً من خرق الإجماع.
ومنها: لو تعيب الصداق في يد الزوجة قبل الطلاق، وعاد الشطر إليه، لم تغرم الزوجة الأرش، إذا اختار الزوج الرجوع إلى الشطر، ولو تلف لغرمت نصف القيمة على ما حكاه الغزالي.
ومنها: لو ردّ المبيع بعيب، فوجد الثمن قد تعيب في يد البائع - كان المشتري مخيراً بين أن يقنع به ولا أرش له، وبين أن يأخذ القيمة على أحد الوجهين، كما حكيناه من قبل.
ومنها: اللقطة إذا حضر مالكها، وقد تعيبت في يد الملتقط، فإنه يجري فيها مثل هذا الخلاف، مع أن ذلك لو تلف لرجع بالقيمة.