للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونازع الأكثرون فيه، وقالوا: هذا الخلاف مفروض فيما إذا تنازعا في مجرد البداية، وكان كل واحد يبذل ما عليه، ولا يخاف فوت طعن صاحبه، فأمَّا إذا لم يبذل البائع المبيع، وأراد حبسه، خوفاً من تعذر تحصيل الثمن، فله ذلك بلا خلاف، وكذلك للمشتري حق حبس الثمن؛ خوفاً من تعذر تحصيل المبيع، نصّ على ذلك الشيخ أبو حامد، وأقضى القضاة الماوردي قال: ما قاله الأولون، هو ما أشار إليه الإمام في كتاب الرهن عقيب الكلام في رهن المبيع بثمنه، والغزالي في مواضع منها عند الكلام في انفساخ العقد قبل القبض: هل يكون من أصله، أو من حينه وهو الذي يقتضيه إطلاق الأئمة الذي نقل عنهم؛ فإنهم فصلوا بعد إجبار البائع علىتسلمي المبيع بين أن يكون الثمن حاضراً في المجلس، أو غائباً عنه في البلد أو بلد آخر، ولو كانت الصورة يما إذا بذل كل واحد منهما ما عليه لم تعقل غيبة الثمن عن املجلس أو البلد؛ إذ لا بذل إلا مع الحضور، اللهم إلاَّ أن تحمل هذه الصورة على ما إذا أظهر البذل، ثم ظهر أنه لا شيء معه.

ويؤيد ذلك أن] القاضي الحسين في "التعليق" حكى أنه إذا لم يكن ماله في البلد لم يجبر البائع على التسليم، وإن كان له مال غائب خصوصاً إذا كان منهما على مسافة القصر، بل لا يجب على البائع الإنظار وله الفسخ، وإن كان دون مسافة القصر فوجهان، والله أعلم.

وحيث تكلمنا في حق الحبس فنكمل ما قيل يه؛ إذ هذا محله، فنقول: ليس للبائع حق الحبس إذا كان الثمن مؤجلاً، ولو حلَّ قبل التسليم؛ إذ العقد لا يقتضيه، وقيل: إنه له حق الحبس إذا حل قبل التسليم، حكاه القاضي أبو الطيب في كتاب "الصداق" عن رواية المزني في "المنثور".

ولو تبرع البائع بالتسليم عند حلول الثمن، فليس له رده إلى حبسه.

وكذا لو أعاره من المشتري في أصح الوجهين.

ولو أودعه إياه قال الرافعيُّ: لم يبطل حق الحبس.

وفي "النهاية" في باب "الرهن" و"الحميل": أن في بطلانه وجهين مرتبين على

<<  <  ج: ص:  >  >>