المدينة، وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين، وربما قال: السنتين، والثلاث، فقال صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَسْلَفَ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُوم"، ولفظ البخاري:"السنتين وثلاثاً فقال: من أسلف في شيء في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" وغير ذلك من الأحاديث.
ومن جهة القياس: أن البيع لما اشتمل على عوضين، المثمن والثمن، فلما جاز أن يكون الثمن معيناً، وموصوفاً في الذمة حالاً، وإلى أجل [مسمى] فكذلك المثمن؛ ولأن بالناس حاجة إليه؛ لأن أرباب الضياع، والبساتين؛ ربما لا يكون معهم مال ينفقونه على مصالحها، فيستسلفون على الغلة ما يحتاجون إليه ويتفقون به.
وكذلك أرباب النقود يرتفقون بالرخص والنقصان من السعر فَجُوِّز لذلك، وإن كان فيه غرر؛ كعقد الإجارة على المنافع المعدومة.
قال: السلم صنف من البيع؛ لأن الرواةلما رووا قوله صلى الله عليه وسلم "لاَ يَحِلُّ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ" خافوا من التعلق بعمومه في منع السلم فألحقوا به أنه صلى الله عيه وسلم أرخص في السلم؛ لما ذكرناه فلو لم يكن السلم صنفاً من البيع لما احتاجوا إلى ذلك.
قال: وينعقد بجميع ألفاظ البيع: لأنه بيع، وإن اختص باسمٍ وحكمٍ كالصرف، وهذا ما صححه ابن الصباغ.
وفي الحاوي: أن من أصحابنا من قال: لا ينعقد بلفظ البيع سلماً، بل بيعاً حتى لا يشترط فيه قبض رأس المال؛ لأنه في العرف وغيره، وعزاه القاضي أبو الطب إلى أبي إسحاق، وهو الأصح.
وفي التهذيب ويجوز تفريعاً عليه شرط الخيار في هذا العقد.