عند المحل إن كان السلم مؤجلاً؛ ليتيسر التسليم، [قال]: ويؤمن انقطاعه، لنأمن الغائلة.
قال: فإن أسلم فيما لا يعم، كالصيد في موضع لا يكثرفيه، أو في جارية وأختها، أي: لندرة اتفاقهما في الصفات المشروطة، أو أسلم فيما لايؤمن انقطاعه كثمرة قرية بعينها، أو على مكيال بعينه، أي لا يعتاد الكيل بمثله، كالكوز، أو زنة صخرة بعينها لم يصح.
أما فيما لا يعم وجوده؛ فلأن القدرة على التسليم متعذرة فأشبه بيع العبد الآبق، وأما في ثمرة القرية؛ فلأنه لا يؤمن فيها تسليم المبيع؛ لتعرضها للتلف فأشبه بيع المبيع قبل القبض.
ووجهه الغزالي: بأن التعيين ينافي الدينية، من حيث إن التعيين يضيق محل التحصيل، والمسلم فيه ينبغي أن يكون ديناً مرسلاً في الذمة لتيسير أداؤه، ومقتضى هذه العلة ألا يجوز فيما إذا عين قرية كبيرة، لكن الأصح من الوجهين فيها الجواز، ولا نزاع في أنه لو أضاف إلى [ناحية، أو قرية كبيرة] وأفاد ذلك تنويعاً، كمعقلي البصرة أنه يجوز، وأما في الباقي؛ لأن ذلك مجهول؛ ولأن المعين قد يتلف فلا يدري ماذا يرجع به عند المحل، وعقد السلم يصان عن الغرر بقدر الإمكان؛ خشية من تكثيره.
ورأيت في الحاوي أن بعض أصحابنا أنكر أن السلم عقد غرر، وألحقه ببيوع الأعيان. وعلىلعلتين يخرج البيع، فإن عللنا بالجهل لم يصح أن يبيعه من الصبرة ملء هذا الكوز، وإن عللنا بالثانية صح، وهو الأصح، وعليه يدل نص الشافعي، فيما إذا أصدقها ملء ههذ الجرة خلا أنه لا يجوز؛ لأنها قد تنكسر والسلم الحال هل يلحق بالبيع، أو بالسلم المؤجل؟ فيه وجهان، اختيار الشيخ أبي حامد منهما أنه كالمؤجل.