حيث قلنا يجب القبول، فإذا امتنع من القبض قيل له إما أن تقبض أو تبرأ من الحق، فإن فعل وإلا قبضه الحاكم عنه، وبرئ المسلم إليه؛ لأنه حق وجب عليه يمكن أن ينوب الحاكم عنه فيه فقام مقامه فيه.
وفي النهاية وغيرها من كتب المراوزة، حكاية طريقة أخرى: أنه لا يجبر على قبوله على أحد القولين، إذا لميكن للدافع غرض سوى البراءة، كما سنذكره في الدين المؤجل، أما إذا كان له غرض، من فك رهن أو براءة ضامن، أجبر قولاً واحداً.
تنبيه: إطلاق الشيخ يقتضي مع قرينة التفصيل من بعد، أنه لا فرق في وجوب القبول عند الإتيان به على الصفة، بين أن يكون على المسلم فيه ضرر أم لا.
وفي الحاوي: أنه لو أسلم إليه في جارية بصفة، فأتاه بها على تلك الصفة وهي زوجته لم يلزمه قبولها لأنه لو قبلها، بطل نكاحه فيدخل عليه بقبولها نقص وكذلك المرأة إذا أسلمت في عبد فأحضر إليها زوجها لميلزمها القبول، لما فيه من فسخ النكاح، ولو أسلم في عبد بصفة فأتاه بعبد على تلك الصفة فكان ابن المسلم أو جده، لم يلزمه قبوله أيضاً؛ لأنه يعتق عليه فلا يستمر له عليه ملك فصار عيباً؛ لأنه أسلم فيما يمملكه، فإن قبضه وهو لا يعلم أنه أبوه ثم علم فوجهان:
أحدهما: أن القبض فاسد، فلا يعتق عليه، وله رده؛ لأنه ممنلا يوجب عقد السلم إقباضه، والثاني: أن القبض صحيح، والعتق نافذ، ولا أرش له؛ لأن كونه أبا المسلم ليس بعيب في الأسواق، يوجب نقص الثمن.
ولو كان المأتي به أخا المسلم أو عمه، فهل له الامتناع من قبوله؟ على وجهين: أحدهما: له ذلك؛ لأن من جملة الحكام، من يعتقه عليه ويمنعه من بيعه انتهى.
فإن قيل: ما ذكره من عدم وجوب قبول الزوج والزوجة ليس لما يلحقه من الضرر بفسخ النكاح بل؛ لأن الزواج عيب في الأمة والعبد عند عامة الناس، والمسلم فهي لا يجب قبوله معيباً.