قال: وقيل: لا يملك إلا بالتصرف؛ لأنه لما كان للمقترض قبل التصرف رده بعينه على المقرض، [وللمقرض استرجاعه] دل على أنه ملكه؛ ولأنه إزالة ملك بعوض، فوجب ألا يزول إلا بتقدير العوض، وما دام عين المال في يده لم يتقرر البدل في ذمته، وإنما يتقرر بإزالة اليد، وهذا ما اختاره في المرشد.
التفريع:
إن قلنا: إنه يملكه بالقبض، فهل للمقرض أن يرجع في ما دام باقياً في يد المستقرض بحاله؟ فيه وجهان.
أحدهما: لا؛ صيانة لملكه، وله أن يؤدي حقه من موضع آخر، وهذا ما حكاه البندنيجي، والبغوي.
وأظهرهما عند الأكثرين، وبه أجاب الماوردي: أن له ذلك؛ لأنه يملك مطالبته بالبدل، جبراً لحقه، فأولى أن يكون له المطالبة بما هو عين حقه، فعلى هذا لو زال ملكه عنه ثم عاد، فهل يثبت له الرجوع في عينه أو بدله؟ فيه وجهان.
[و] في الحاوي: إن قلنا: إنه يملكه بالتصرف، فمعناه: إنه إذا تصرف تبين ثبوت الملك فيه.
وفي البسيط حكاية وجه آخر: أنا نتبين دخوله في ملكه حال القرض، وهذا يؤخذ مما حكاه القاضي أبو الطيب، عن شرح التلخيص من أن الملك في القرض يراعى إلى أن يرجع فيه المقرض، فتبين أنه لم يكن مستقراً أو يتلفه المستقرض، فنتبين أنه كان مستقراً، وعلى القولين يتخرج وجوب النفقة على المقرض، فإن قلنا: ملك بالقبض إما ناجزاً أو نسيئاً كانت على المقترض، وإن قلنا بالتصرف يملكه، فهي على المقرض.