للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفرق القاضي أبو الطيب، بين هذا وبين ما إذا باع بثمن في الذمة في كتاب السلم بفرقين؛ أحدهما: أن الثمن والمثمن في مسألتنا يصيران من ضمان واحد، وذلك لا يجوز، وهذا قد يرد عليه ما إذا اشترى ثوباً بثمن في الذمة، ثم قبضه، فإن الثمن والمثمن من ضمان واحد – وهو المشتري، ومع هذا لم يكن ذلك مانعاً من الصحة.

لكن جوابه أن المراد بضمان المعين أنه لو تلف انفسخ العقد، وهذا لا يوجد فيما إذا قبض المشتري المبيع، فإن به يستقر العقد.

الفرق الثاني: أن المبيع هاهنا دين، والمبيع إذا كان ديناً اعتبرنا به قبض الثمن في المجلس دليله السلم.

وفرق المتولي بينهما بأنه لم يسبق في بيع الثوب بالدراهم في الذمة حكم الدينية، وإنما يجب ديناً في الوقت.

وهاهنا الدين ثابت قبل العقد، وعدم قبض المعين في المجلس [يلحق بالدين في نظر الشرع، ألا ترى أنه لو أخر قبض أحد البدلين في الصرف عن المجلس بطل العقد، كما لو باع نسيئة، فاعتبر) قبض المعين في المجلس]؛ حتى لا يصير في حكم بيع الدين بالدين هذا مشهور المذهب.

وفي الوسيط: أن المقرض إذا استبدل عن القرض عيناً وقبض في المجلس جاز، وإن استبدل ديناً لم يجز؛ لأنه منطبق على بيع الكالئ بالكالئ، وهو منهي عنه.

والكالئ: هو الدين، وإن استبدل عيناً ولم يقبض في المجلس فإن جوزنا بيع الدين، فلا مأخذ لاشتراط القبض، وإن لم نجوز، فلابد من القبض.

قال الإمام – عن شيخه -: لأن تجويز البيع منه لأجل معنى الاستيفاء، والاستيفاء لا يتعدى المجلس، وما ذكره الغزالي قد يفهم [منه] منع بيع الدين بالدين، وإن قبض في المجلس؛ لأنه فصل في استبدال العين بين ما قبل القبض وبعده، وأطلق القول بعدم الجواز في الاستبدال بالدين، ويقتضي أيضاً أن الأصح عنده اشتراط قبض العين في المجلس؛ لأنه بناه على جواز بيعه من الأجنبي، والأصح عنده عدم

<<  <  ج: ص:  >  >>