حكى الإمام عن شيخه في كتاب الضمان، أنه إن كان يلحق ضمانه قبل عمل المجعول له بضمان ما لم يجب، وجرى سبب وجوبه من قبل أن الجعل مصيره إلى الوجوب، عند فرض العمل، وهو غير واجب قبله، وإن طوائف من أصحابنا منعوا ضمان الجعل في الجديد، وإن جوز ضمان ما وجد سبب وجوبه.
ثم قال: وهذا متجه عندي من قبل أن نفقة العبد في النكاح، وإن لم تكن واجبة في الحال، فسبب النفقة النكاح، وهو لازم في الحال، فكان في قول الجواز يقيم ما يتنجز من وجود السبب مقام وجود المسبب.
والجعل قبل العمل غير واجب، والجعالة في نفسها على الجواز، فلم يتحقق وجود سبب ولا مسبب، ومقتضى [كلام الإمام] جريان مثل هذا في الرهن.
وعلى ذلك جرى الرافعي، وحكى أن الصحيح من الوجهين: عدم الصحة.
وقال الماوردي: إنه المنصوص عليه، وصور البندنيجي محل الخلاف، بما إذا قال: من جاء بعبدي فله دينار، فقال له رجل: أعطني به رهناً، وأنا آتيك به، والقاضي الحسين، والرافعي بما إذا شرع في العمل [قبل تمامه]، فإنه لا ثبوت للجعل قبل الشروع بحال.
قال الرافعي: وكيف يتخيل ذلك، وليس [له] هو مستحقًّا معيناً.
ولنا: أن نبني الوجهين على الوجهين في جواز رجوع المالك بعد الشروع في العمل، ونقول: إن لم نجوز الرجوع؛ فقد لزم الجعل [من قبله]؛ فيصح الرهن به، وإن جوزناه لم يصح الرهن به، انتهى.
وكلام الإمام في باب الضمان والرهن أقرب إلى كلام البندنيجي، وهو الذي صرح به في المهذب، حيث قال:"قبل العمل".
قال: ولا يصح إلا بدين لازم، كثمن المبيع أي: بعد قبضه أو قبله، و"دين السلم"